وتعوّذانها بالمعوّذتين» (١). انتهى.
وقوله تعالى : (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ) : إخبار منه سبحانه لمحمّد صلىاللهعليهوسلم ؛ بأنه رضي مريم لخدمة المسجد ؛ كما نذرت أمّها وسنّى لها الأمل في ذلك.
وقوله سبحانه : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً) : عبارة عن حسن النشأة في خلقة وخلق.
ص : (بِقَبُولٍ) مصدر على غير الصّدر ، والجاري على : تقبّل تقبّلا ، وعلى قبل قبولا ، و (نَباتاً) : مصدر منصوب ب «أنبتها» ؛ على غير الصّدر. انتهى.
وقوله تعالى : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) معناه : ضمّها إلى إنفاقه وحضنه ، والكافل : هو المربّي ، قال السّدّيّ وغيره : إنّ زكريّا كان زوج أختها (٢) ؛ ويعضد هذا القول قوله صلىاللهعليهوسلم في يحيى وعيسى : «ابنا الخالة» ، والذي عليه النّاس : أنّ زكريّا إنما كفّلها بالاستهام (٣) ؛ لتشاحّهم حينئذ فيمن يكفل المحرّر.
وقوله تعالى : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) : المحراب : المبنى الحسن ، ومحراب القصر : أشرف ما فيه ؛ ولذلك قيل لأشرف ما في المصلّى ؛ وهو موقف الإمام : محراب ، ومعنى (رِزْقاً) ، أي : طعاما يتغذّى به ، لم يعهده ، ولا عرف كيف جلب إليها ، قال مجاهد وغيره : كان يجد عندها فاكهة الشّتاء في الصّيف ، وفاكهة الصّيف في الشتاء (٤) ، ونحوه عن ابن عبّاس إلّا أنه قال : ثمار الجنّة (٥) ، وقوله : (أَنَّى) : معناه : كيف ، ومن أين ، وقولها : (مِنْ عِنْدِ اللهِ) دليل على أنه ليس من جلب بشر ، قال الزّجّاج. وهذا من الآية الّتي قال الله تعالى : (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) [الأنبياء : ٩١] وقولها : (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) : تقرير لكون ذلك الرزق من عند الله ، وذهب الطّبريّ إلى أنّ ذلك ليس من قول مريم ، وأنّه خبر من الله تعالى لمحمّد صلىاللهعليهوسلم ، والله
__________________
(١) أخرجه ابن السني في «عمل اليوم والليلة» رقم (٦٢٥) ، وقال الألباني في تعليقه على «الكلم الطيب» (ص ١١٠) : موضوع.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٤٢) برقم (٦٨٩٩) ، وذكره السيوطي في «تفسيره» ، وعزاه لابن مسعود ، وابن عباس ، وناس من الصحابة.
(٣) استهم الرجلان : تقارعا ، والاستهام : المغالبة بالقرعة. ينظر : «لسان العرب» (٢١٣٥) (سهم) بتصرف.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٢٤٤) برقم (٦٩٢٢) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٣٨٨) ، وابن عطية (١ / ٤٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٦) ، وعزاه لابن جرير.
(٥) ذكره ابن عطية (١ / ٤٢٦)