الأوقات ، حاطّة إلى الدنيا ، ثم هي ؛ في حقّ من أقدر عليها ، وقام بالواجب فيها ، ولم تشغله عن ربّه ـ درجة عليا ، وهي درجة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، أي : وسائر النبيّين. ا ه من «الشّفا» (١).
وباقي الآية بيّن.
وروي من صلاحه / ـ عليهالسلام ـ ؛ أنّه كان يعيش من العشب ، وأنه كان كثير البكاء من خشية الله ؛ حتى اتخذ الدمع في وجهه أخدودا.
ص : و (مِنَ الصَّالِحِينَ) ، أي : من أصلاب الأنبياء ، أو صالحا من الصّالحين ، فيكون صفة لموصوف محذوف. ا ه.
قلت : والثاني أحسن ، والأول تحصيل الحاصل ، فتأمّله.
وقوله تعالى : (قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ...) الآية : ذهب الطّبريّ (٢) وغيره إلي أنّ زكريّا لمّا رأى حال نفسه ، وحال امرأته ، وأنها ليست بحال نسل ، سأل عن الوجه الذي به يكون الغلام ، أتبدل المرأة خلقتها أم كيف يكون؟
قال ع (٣) : وهذا تأويل حسن لائق بزكريّا ـ عليهالسلام ـ.
و (أَنَّى) : معناها : كيف ، ومن أين ، وحسن في الآية (بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) ؛ من حيث هي عبارة واهن منفعل.
وقوله : (كَذلِكَ) ، أي : كهذه القدرة المستغربة قدرة الله ، ويحتمل أن تكون الإشارة بذلك إلى حال زكريّا ، وحال امرأته ؛ كأنه قال : ربّ ، على أيّ وجه يكون لنا غلام ، ونحن بحال كذا ، فقال له : كما أنتما يكون لكما الغلام ، والكلام تامّ ؛ على هذا التأويل في قوله : (كَذلِكَ).
وقوله : (اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) : جملة مبيّنة مقرّرة في النفس وقوع هذا الأمر المستغرب.
وقوله : (قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) ، أي : علامة ، قالت فرقة من المفسّرين لم يكن
__________________
(١) ينظر : «الشفا» (١١٦)
(٢) ينظر «تفسير الطبري» (٣ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٣١)