والأجل المسمى عنده من وقت موته إلى حشره ، ووصفه ب (مُسَمًّى عِنْدَهُ) ؛ لأنه استأثر ـ سبحانه ـ بعلم وقت القيامة. وقال ابن عباس : (أَجَلاً) الدنيا ، (وَأَجَلٌ مُسَمًّى) الآخرة (١).
وقيل غير هذا.
و (تَمْتَرُونَ) معناه : تشكون.
(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣) وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ (٤) فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٥) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ)(٦)
وقوله سبحانه : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ) قاعدة الكلام في هذه الآية : أن حلول الله في الأماكن مستحيل ـ تعالى ـ أن يحويه مكان ، كما تقدّس أن يحدّه زمان ، بل كان قبل أن خلق المكان والزمان ، وهو الآن على ما عليه كان.
وإذا تقرّر هذا ، فقالت فرقة من العلماء : تأويل ذلك على تقدير صفة محذوفة من اللفظ ثابتة في المعنى ، كأنه قال : وهو الله المعبود في السموات ، وفي الأرض. وعبر بعضهم بأن قدر : وهو الله المدبر للأمر في السموات والأرض.
وقال الزّجّاج : (فِي) متعلقة بما تضمّنه اسم الله من المعاني ، كما يقال : أمير المؤمنين الخليفة في المشرق والمغرب.
قال ع (٢) : وهذا عندي أفضل الأقوال ، وأكثرها إحرازا لفصاحة اللفظ ، وجزالة المعنى.
وإيضاحه : أنه أراد أن يدلّ على خلقه ، وآثار قدرته ، وإحاطته ، واستيلائه ، ونحو هذه الصفات ، فجمع هذه كلها في قوله : (وَهُوَ اللهُ) أي : الذي له هذه كلها في السموات ، وفي الأرض ، كأنه قال : وهو الله الخالق ، الرازق ، المحيي ، المحيط في السموات وفي
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ٢٦٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٧) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، والحاكم ، وصححه عن ابن عباس.
(٢) ينظر : «المحرر» (٢ / ٢٧١)