الاعتراض الذي هو : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) ؛ فإنه لا يختلف ؛ أنّه من قول الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم ، قال : فلا يجوز مع الاستفهام أن يحمل : «آن يؤتى» على ما قبله من الفعل ؛ لأن الاستفهام قاطع ، فيجوز أن تكون «أن» في موضع رفع بالابتداء ، وخبره محذوف ، تقديره : تصدّقون أو تعترفون أو تذكّرونه لغيركم ، ونحو هذا ممّا يدلّ عليه الكلام.
قال ع (١) : ويكون «يحاجّوكم» ؛ على هذا معطوفا على : «أن يؤتى». قال أبو عليّ : ويجوز أن يكون موضع «أن» نصبا ، فيكون المعنى : أتشيعون أو تذكرون أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ، ويكون ذلك بمعنى قوله تعالى عنهم : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) [البقرة : ٧٦] ، فعلى كلا الوجهين / معنى الآية توبيخ من الأحبار للأتباع على تصديقهم بأنّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم نبيّ مبعوث.
قال ع (٢) : ويكون قوله تعالى : (أَوْ يُحاجُّوكُمْ) في تأويل نصب «أن» بمعنى : أو تريدون أن يحاجّوكم.
وقال السّدّيّ وغيره : الكلام كلّه من قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) إلى آخر الآية : هو ممّا أمر به النبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ أن يقوله لأمّته (٣).
وحكى الزّجّاج (٤) وغيره ؛ أنّ المعنى : قل إن الهدى هو هذا الهدى ، لا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم.
ومعنى الآية على قول السدّيّ : أي : لم يعط أحد مثل حظّكم ، وإلّا فليحاجّكم من ادّعى سوى ذلك ، أو يكون المعنى : أو يحاجّونكم ؛ على معنى الازدراء باليهود ؛ كأنه قال : أو هل لهم أن يحاجّوكم ، أو يخاصموكم فيما وهبكم الله ، وفضّلكم به ، وقال قتادة والرّبيع : الكلام كلّه من قوله : (قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللهِ) إلى آخر الآية هو ممّا أمر به النبيّ صلىاللهعليهوسلم أن يقوله للطائفة.
__________________
ـ ينظر : «معاني القراءات» (١ / ٢٦٠) ، و «السبعة» (٢٠٧) ، و «الكشف» (١ / ١٤٧) ، و «الحجة» (٣ / ٥٢) ، و «حجة القراءات» (١٦٥) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١١٤) ، و «العنوان» (٨٠) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ١٦٠) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (١ / ٤٨٢)
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٥٥)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٥٥)
(٣) أخرجه الطبري (٣ / ٣١٢) برقم (٧٢٤٨) ، وذكره ابن عطية (١ / ٤٥٦) ، والسيوطي (٢ / ٧٦) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.
(٤) «معاني القرآن» (١ / ٤٣٠)