على مال ، وقال شيخنا أبو عبد الله المغربيّ : فائدتها ألّا يؤتمنوا على دين ؛ يدلّ عليه ما بعده في قوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ ...) الآية ، والصحيح عندي : أنها في المال نصّ ، وفي الدّين تنبيه ، فأفادت المعنيين بهذين الوجهين. قال ابن العربيّ : فالأمانة عظيمة القدر في الدّين ، ومن عظيم قدرها أنها تقف على جنبتي الصّراط لا يمكّن من الجواز إلا من حفظها ، ولهذا وجب عليك أن تؤدّيها إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك ، فتقابل المعصية بالمعصية ؛ وكذلك لا يجوز أن تغدر من غدرك. قال البخاريّ : باب إثم الغادر للبرّ والفاجر. ا ه.
والقنطار ؛ في هذه الآية : مثال للمال الكثير ، يدخل فيه أكثر من القنطار وأقلّ ، وأمّا الدينار ، فيحتمل أن يكون كذلك مثالا لما قلّ ، ويحتمل أن يريد أنّ منهم طبقة لا تخون إلا في دينار فما زاد ، ولم يعن / لذكر الخائنين في أقلّ ؛ إذ هم طغام حثالة ، ودام : معناه : ثبت.
وقوله : (قائِماً) : يحتمل معنيين : قال قتادة ، ومجاهد ، والزّجّاج (١) : معناه : قائما على اقتضاء حقّك (٢) ، يريدون بأنواع الاقتضاء من الحفز والمرافعة إلى الحاكم من غير مراعاة لهيئة هذا الدّائم.
وقال السّدّيّ وغيره : معنى قائما : على رأسه (٣).
وقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ...) الآية : الإشارة ب «ذلك» إلى كونهم لا يؤدّون الأمانة ، أي : يقولون نحن من أهل الكتاب ، والعرب أمّيّون أصحاب أوثان ، فأموالهم لنا حلال ، متى قدرنا على شيء منها ، لا حجّة علينا في ذلك ، ولا سبيل لمعترض.
وقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ذمّ لبني إسرائيل بأنهم يكذبون على الله سبحانه في غير ما شيء ، وهم عالمون بمواضع الصّدق.
__________________
(١) ينظر : «معاني القرآن» (١ / ٤٣٣)
(٢) أخرجه الطبري (٣ / ٣١٥) برقم (٧٢٥٨) ، (٧٢٥٩) عن قتادة ، وبرقم (٧٢٦٠) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (١ / ٤٥٨) ، والسيوطي (٢ / ٧٧) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري (٣ / ٣١٦) برقم (٧٢٦٢) ، وذكره ابن عطية (١ / ٤٥٨) ، والسيوطي (٢ / ٧٧) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن السدي.