قال ص : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : جملة حاليّة. ا ه.
ثم ردّ الله تعالى في صدر قولهم : (لَيْسَ عَلَيْنا) ؛ بقوله : (بَلى) ؛ أي : عليهم سبيل ، وحجّة ، وتباعة ، ثمّ أخبر ؛ على جهة الشرط ؛ أنّ من أوفى بالعهد ، واتّقى عقوبة الله في نقضه ، فإنه محبوب عند الله.
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ ...) الآية : آية وعيد لمن فعل هذه الأفاعيل إلى يوم القيامة ، وهي آية يدخل فيها الكفر فما دونه من جحد الحقّ وختر (١) المواثيق ، وكلّ يأخذ من وعيدها ؛ بحسب جريمته.
قال ابن العربيّ في «أحكامه» (٢) : وقد اختلف الناس في سبب نزول هذه الآية ، والذي يصحّ من ذلك : أنّ عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حلف يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله ، وهو عليه غضبان» ، فأنزل الله تصديق ذلك : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ...) الآية ، قال : فجاء الأشعث بن قيس ، فقال : فيّ نزلت ؛ كانت لي بئر في أرض ابن عمّ لي ، وفي رواية : كان بيني وبين رجل من اليهود أرض ، فجحدني ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «بيّنتك أو يمينه» ، قلت : إذن يحلف ، يا رسول الله ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وذكر الحديث (٣). اه.
وقوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ ...) الآية : يلوون : معناه : يحرّفون ويتحيّلون ؛ لتبديل المعاني من جهة اشتباه الألفاظ ، واشتراكها ، وتشعّب
__________________
(١) الختر : شبيه بالغدر والخديعة ، وقيل : هو الخديعة بعينها ، وقيل : هو أسوأ الغدر وأقبحه ، وفي التنزيل العزيز : (كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) [لقمان : ٣٢]. ينظر : لسان العرب» (١٠٩٩)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨)
(٣) أخرجه البخاري (٥ / ٢٨٠) ، كتاب «الشهادات» ، باب اليمين على المدعى عليه ، حديث (٢٦٦٩ ، ٢٦٧٠) ، ومسلم (١ / ١٢٢ ـ ١٢٣) كتاب «الإيمان» ، باب من اقتطع حق امرئ مسلم بيمين فاجرة ، حديث (٢٢٠ / ١٣٨) ، وأبو داود (٤ / ٤١) كتاب «الأقضية» ، باب إذا كان المدعى عليه ذميا ، حديث (٣٦٢١) ، والترمذي (٥ / ٢٢٤) كتاب «التفسير» باب (٤) حديث (٢٩٩٦) ، وابن ماجة (٢ / ٧٧٨) كتاب «الأحكام» ، باب البينة على المدعي ، حديث (٢٣٢٢).
والحميدي (١ / ٥٣) رقم (٩٥) ، والطيالسي (١ / ٢٤٦) رقم (١٢١٦) ، وأبو عوانة (١ / ٣٨ ـ ٣٩) باب بيان الأعمال التي يستوجب فاعلها عذاب الله ، وأبو يعلى (٩ / ٥٠ ـ ٥١) رقم (٥١١٤) ، والبيهقي (١٠ / ١٧٨) كلهم من طريق أبي وائل عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عليه غضبان» فقال الأشعث بن قيس : فيّ والله كان ذلك.