التأويلات ؛ كقولهم : (راعِنا) [البقرة : ١٠٤] ، (وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ) [النساء : ٤٦] ونحو ذلك ، وليس التبديل المحض بليّ ، وحقيقة اللّيّ في الثّياب والحبال ونحوها ، وهو فتلها وإراغتها ؛ ومنه : ليّ العنق ، ثم استعمل ذلك في الحجج ، والخصومات والمجادلات ، والكتاب ؛ في هذا الموضع : التوراة ، والضمير في «تحسبوه» للمسلمين.
وقوله : (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) : نفي أن يكون منزّلا من عند الله ؛ كما ادّعوا ، وهو من عند الله ، بالخلق ، والاختراع ، والإيجاد ، ومنهم بالتكسّب.
(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)(٨٠)
وقوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ ...) الآية : معناه : النفي التامّ ؛ لأنا نقطع أنّ الله لا يؤتي النبوّة للكذبة والمدّعين ، و (الْكِتابَ) هنا اسم جنس ، و (الْحُكْمَ) : بمعنى الحكمة ؛ ومنه قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «إنّ من الشّعر لحكما» (١) وقال الفخر (٢) : هنا اتفق أهل اللغة والتفسير على أنّ هذا الحكم هو العلم ، قال تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) [مريم : ١٢] يعني : العلم والفهم. ا ه.
«وثمّ» : في قوله : (ثُمَّ يَقُولَ) : معطية تعظيم الذنب في القول بعد مهلة من هذا الإنعام ، وقوله : (عِباداً) : جمع «عبد» ، ومن جموعه عبيد ، وعبدّى.
قال ع (٣) : والذي استقريت / في لفظة العباد ، أنه جمع عبد ، متى سيقت اللفظة في مضمار الترفيع ، والدلالة على الطاعة ، دون أن يقترن بها معنى التّحقير ، وتصغير الشأن ، وأما العبيد ، فيستعمل في التحقير.
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٧٢١) ، كتاب «الأدب» ، باب ما جاء في الشعر ، حديث (٥٠١١) ، والترمذي (٥ / ١٢٦) ، كتاب «الأدب» ، باب ما جاء إن من الشعر حكمة ، حديث (٢٨٤٥) وابن ماجة (٢ / ١٢٣٦) ، كتاب «الأدب» ، باب الشعر ، حديث (٣٧٥٦) ، والبخاري في «الأدب المفرد» رقم (٨٧٢) ، وأحمد (١ / ٢٦٩ ، ٣٠٣ ، ٣٠٩ ، ٣١٣ ، ٣٢٧ ، ٣٣٢) ، وأبو يعلى (٤ / ٢٢٠) رقم (٢٣٣٢) ، والبيهقي (١٠ / ٢٤١) ، كتاب «الشهادات» ، باب شهادات الشعراء ، كلهم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
(٢) ينظر : «مفاتيح الغيب» (٨ / ٩٨)
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (١ / ٤٦١)