لان هذا المثل الاعلى حقيقة وواقع عيني منفصل عن الانسان وبهذا يعطي للمسئولية شرطها المنطقي فان المسئولية الحقيقية لا تقوم الا بين جهتين مسئول ، ومسئول لديه. اذا لم يكن هناك جهة أعلى من هذا الكائن المسئول واذا لم يكن هذا الكائن المسئول مؤمنا بأنه بين يدي جهة أعلى ، لا يمكن ان يكون شعوره بالمسئولية شعورا موضوعيا ، شعورا حقيقيا.
مثلا تلك المثل المنخفضة ، تلك الآلهة ، تلك الاقزام. المتعملقة على مرّ التاريخ ، على مرّ المسيرة البشرية هي في الحقيقة لم تكن كما رأينا وكما حللنا الّا افرازا بشريا ، الّا انتاجا انسانيا ، يعني انها جزء من الانسان ، جزء من كيان الانسان ، والانسان لا يمكن ان يستشعر بصورة موضوعية حقيقية ، المسئولية تجاه ما يفرزه ، هو اتجاه ما يصنعه هو (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها)(١) تلك المثل لا تصنع الشعور الموضوعي بالمسئولية ، نعم قد تصنع قوانين ، قد تصنع عادات ، قد تصنع اخلاق ، ولكنها كلها غطاء ظاهري ، وكلما وجد هذا الانسان مجالا للتحلل من هذه العادات ، ومن هذه الاخلاق ، ومن هذه القوانين
__________________
(١) سورة النجم الآية ٢٣