بالبيت وهم يخوضون أبدا؟ وفي رواية ، قال المسلمون : إنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم فأنزل الله هذه الآية (وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني يتقون الشرك والاستهزاء من حسابهم من حساب المشركين من شيء يعني ليس عليهم شيء من حسابهم ولا آثامهم (وَلكِنْ ذِكْرى) يعني ولكن ذكروهم ذكرى. وقيل : معناه ولكن عليكم أن تذكروهم (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يعني لعل تلك الذكرى تمنعهم من الخوض والاستهزاء.
(فصل)
قال سعيد بن المسيب وابن جريج ومقاتل : هذه الآية منسوخة بالآية التي في سورة النساء وهي قوله تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) وذهب الجمهور إلى أنها محكمة لا نسخ فيها لأنها خبر والخبر لا يدخله النسخ لأنها إنما دلت على أن كل إنسان إنما يختص بحساب نفسه لا بحساب غيره ، وقيل : إنما أباح لهم القعود معهم بشرط التذكير والموعظة فلا تكون منسوخة. قوله عزوجل :
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠) قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٧١))
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) الخطاب للنبي. يعني : وذر يا محمد هؤلاء المشركين الذين اتخذوا دينهم الذي أمروا به ودعوا إليه وهو دين الإسلام لعبا ولهوا وذلك حيث سخروا به واستهزءوا به وقيل إنهم اتخذوا عبادة الأصنام لعبا ولهوا. وقيل : إن الكفار كانوا إذا سمعوا القرآن لعبوا ولهوا عند سماعه. وقيل إن الله جعل لكل قوم عيدا فاتخذ كل قوم دينهم يعني عيدهم لعبا ولهوا يلعبون ويلهون فيه إلا المسلمين فإنهم اتخذوا عيدهم صلاة وتكبيرا وفعل الخير فيه مثل عيد الفطر وعيد النحر ويوم الجمعة (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) يعني أنهم اتخذوا دينهم لعبا ولهوا لأجل أنهم غرتهم الحياة الدنيا وغلب حبها على قلوبهم فأعرضوا عن دين الحق واتخذوا دينهم لعبا ولهوا ومعنى الآية : وذر يا محمد الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا واتركهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم وهذا يقتضي الإعراض عنهم ثم نسخ ذلك الإعراض بآية السيف وهو قول قتادة والسدي. وقيل : إنه خرج مخرج التهديد فهو كقوله (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) وهذا قول مجاهد فعلى هذا تكون الآية محكمة. وقيل : المراد بالإعراض عنهم ، ترك معاشرتهم ومخالطتهم لا ترك الإنذار والتخويف ويدل عليه قوله : (وَذَكِّرْ بِهِ) يعني وذكر بالقرآن وعظ به هؤلاء المشركين (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) أي لئلا تبسل نفس وأصل البسل في اللغة : التحريم وضم الشيء ومنعه. وهذا عليك بسل : أي حرام ممنوع. فمعنى تبسل نفس بما كسبت : ترتهن وتحبس في جهنم وتحرم من الثواب بسبب ما كسبت من الآثام.
وقال ابن عباس : تبسل تهلك. وقال قتادة : تحبس يعني في جهنم. وقال الضحاك : تحرق بالنار. وقال ابن زيد : تؤخذ يعني بما كسبت. وقيل : تفضح. والمعنى : وذكرهم بالقرآن ومواعظه وعرفهم الشرائع لكي لا تهلك نفس وترتهن في جهنم بسبب الجنايات التي اكتسبت في الدنيا وتحرم الثواب في الآخرة (لَيْسَ لَها) يعني لتلك النفس التي هلكت (مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌ) أي قريب يلي أمرها (وَلا شَفِيعٌ) يعني يشفع لها في الآخرة (وَإِنْ