خصها بالذكر تشريفا لها (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) أي وهذه السورة موعظة يتعظ بها المؤمنون إذا تذكروا أحوال الأمم الماضية وما نزل بهم (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) فيه وعيد وتهديد يعني اعملوا ما أنتم عاملون فستعلمون عاقبة ذلك العمل فهو كقوله : اعملوا ما شئتم (إِنَّا عامِلُونَ) يعني ما أمرنا به ربنا (وَانْتَظِرُوا) يعني ما يعدكم به الشيطان (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) يعني ما يحل بكم من نقمة الله وعذابه إما في الدنيا وإما في الآخرة (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني يعلم ما غاب عن العباد فيهما يعني أن علمه سبحانه وتعالى نافذ في جميع الأشياء خفيها وجليها وحاضرها ومعدومها لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء (إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) يعني إلى الله يرجع أمر الخلق كلهم في الدنيا والآخرة (فَاعْبُدْهُ) يعني أن من كان كذلك كان مستحقا للعبادة لا غيره فاعبده ولا تشتغل بعبادة غيره (وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) يعني وثق به في جميع أمورك فإنه يكفيك (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) قال أهل التفسير هذا خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ولجميع الخلق مؤمنهم وكافرهم والمعنى أنه سبحانه وتعالى يحفظ على العباد أعمالهم لا يخفى عليه منها شيء فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
قال كعب الأحبار : خاتمة التوراة خاتمة سورة هود والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.