تهامة فإذا وزنوها لم تزن شيئا فذلك قوله تعالى «فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا» وقيل معناه نزدري بهم فليس لهم عندنا شيئا فذلك قوله تعالى «فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا» وقيل معناه نزدري بهم فليس لهم عندنا حظ ولا قدر ولا وزن (ق) عن أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة وقال اقرءوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا».
(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨) قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (١١٠))
(ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من حبوط أعمالهم وخسة قدرهم ، ثم ابتدأ فقال تعالى (جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) يعني سخرية واستهزاء. قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً). عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة». قال كعب : ليس في الجنان جنة أعلى من جنة الفردوس ، فيها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. وقال قتادة : الفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها. وقيل : الفردوس هو البستان الذي فيه الأعناب. وقيل : هي الجنة الملتفة بالأشجار التي تنبت ضروبا من النبات. وقيل : الفردوس البستان بالرومية. وقيل : بلسان الحبش منقولا إلى العربية نزولا هو ما يهيأ للنازل على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس ونعيمها نزلا. وقيل في معنى كانت لهم أي في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ) أي لا يطلبون (عَنْها حِوَلاً) أي تحولا إلى غيرها ، قال ابن عباس : لا يريدون أن يتحولوا عنها ، كما ينتقل الرجل من دار إذا لم توافقه إلى دار أخرى.
قوله تعالى (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) قال ابن عباس : قالت اليهود يا محمد تزعم أننا قد أوتينا الحكمة وفي كتابك «ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا» ثم تقول وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وقيل لما نزل «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» قالت اليهود أوتينا علم التوراة وفيها علم كل شيء.
فأنزل الله تعالى (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي) ما يستمده الكاتب ويكتب به ، وأصله من الزيادة قال مجاهد : لو كان البحر مدادا للقلم والقلم يكتب قيل والخلائق يكتبون (لَنَفِدَ الْبَحْرُ) أي لنفد ماؤه (قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) أي علمه وحكمه (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) والمعنى ولو كان الخلائق يكتبون والبحر يمدهم لفني ماء البحر ولم تفن كلمات ربي ، ولو جئنا بمثل ماء البحر في كثرته مددا وزيادة. قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) قال ابن عباس : علم الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم التواضع لئلا يزهى على خلقه ، فأمره أن يقر فيقول آنا آدمي مثلكم إلا أني خصصت بالوحي وأكرمني الله به وهو قوله تعالى (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له في ملكه (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) أي يخاف المصير إليه وقيل يؤمل رؤية ربه (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) أي من حصل له رجاء لقاء الله تعالى والمصير إليه فليستعمل نفسه في العمل الصالح (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) أي لا يرائي بعمله ولما كان العمل الصالح قد يراد به وجه الله سبحانه وتعالى وقد يراد به الرياء والسمعة اعتبر فيه قيدان ، أحدهما : يراد به سبحانه وتعالى والثاني : أن يكون مبرأ من جهات الشرك جميعها (ق)