لنعم الله عزوجل. قوله تعالى (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) قال ابن عباس شريعة (هُمْ ناسِكُوهُ) هم عاملون بها وعنه أنه قال عيدا وقيل موضع قربان يذبحون فيه وقيل موضع عبادة (فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) أي في أمر الذبائح نزلت في بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان ويزيد بن خنيس قالوا لأصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما لكم تأكلون مما تقتلون بأيديكم ولا تأكلون مما قتله الله؟ وقيل معناه لا تنازعهم أنت. قوله تعالى (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) أي إلى الإيمان به وإلى دينه (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) أي على دين واضح قويم (وَإِنْ جادَلُوكَ) يعني خاصموك في أمر الذبح وغيره (فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) أي من التكذيب (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) يعني فتعلمون حينئذ الحق من الباطل وقيل حكم يوم القيامة يتردّد بين جنة وثواب لمن قبل وبين نار وعقاب لمن رد وأبى. قوله عزوجل (أَلَمْ تَعْلَمْ) الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ويدخل فيه الأمة (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) يعني في اللوح المحفوظ (إِنَّ ذلِكَ) يعني علمه بجميعه (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) أي هين وقيل : إن كتب الحوادث مع أنها من الغيب على الله يسير (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) يعني حجة ظاهرة من دليل سمعي (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ) يعني أنهم فعلوا ما فعلوه عن جهل لا عن علم ولا دليل عقلي (وَما لِلظَّالِمِينَ) يعني المشركين (مِنْ نَصِيرٍ) يعني مانع يمنعهم من العذاب.
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٧٤) اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٧٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧))
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) يعني القرآن وصفه بذلك لأنه فيه بيان الأحكام والفصل بين الحلال والحرام (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) يعني الإنكار والكراهية يتبين ذلك في وجوههم (يَكادُونَ يَسْطُونَ) يعني يقعون ويبسطون إليكم أيديهم بالسوء وقيل يبطشوه (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) أي بمحمد وأصحابه من شدة الغيظ (قُلْ) يعني قل لهم يا محمد (أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) يعني بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تستمعون (النَّارُ) يعني هي النار (وَعَدَهَا اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) قوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ) فإن قلت الذي جاء به ليس بمثل فكيف سماه مثلا. قلت لما كان المثل في الأكثر نكتة عجيبة غريبة جاز أن يسمى كل كلام كان كذلك مثلا. وقال في الكشاف قد سميت الصفة والقصة الرائقة المتلقاة بالاستحسان والاستغراب مثلا تشبيها لها ببعض الأمثال المسيرة لكونها مسيرة عندهم مستحسنة مستغربة (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) يعني تدبروه حق تدبره فإنّ الاستماع بلا تدبر وتعقل لا ينفع والمعنى جعل لي شبيه وشبه به الأوثان أي جعل المشركون الأصنام شركائي يعبدونها ثم بين حالها وصفتها فقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) يعني الأصنام (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) يعني واحدا في صغره وضعفه وقلته لأنها لا تقدر على ذلك (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) يعني لخلقه ، والمعنى أن هذه الأصنام لو اجتمعت لم يقدروا على خلق ذبابة على ضعفها وصغرها فكيف يليق بالعاقل جعلها معبودا له (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) قال ابن عباس : كانوا يطلون