والزهري وقتادة وإليه ذهب الشافعي وأحمد ، وقال قوم : إن ترك وفاء ما بقي عليه من مال الكتابة كان حرا وإن فضل له مال كان لأولاده الأحرار. وهو قول عطاء وطاوس والنخعي والحسن وبه قال مالك والثوري وأصحاب الرأي ولو كاتب عبده كتابة فاسدة يعتق بأداء المال لأن عتقه معلق بالأداء وقد وجد وتتبعه أولاده وأكسابه كما في الكتابة الصحيحة لأن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم. وقوله تعالى :
(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) أي إماءكم (عَلَى الْبِغاءِ) أي الزنا (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) الآية (م) عن جابر قال كان عبد الله بن أبي ابن سلول يقول لجاريته اذهبي فابغينا شيئا قال فأنزل الله (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) وفي رواية أخرى أن جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة وأخرى يقال لها أميمة كان يكرههما على الزنا فشكتا ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) إلى قوله (غَفُورٌ رَحِيمٌ) وقال المفسرون : نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق كانت له جاريتان يقال لهما مسيكة ومعاذة وكان يكرههما على الزنا لضريبة يأخذها منهما ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤجرون إماءهم فلما جاء الإسلام قالت معاذة لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين فإن يك خيرا فقد استكثرنا منه ، وإن يك شرا فقد آن لنا أن ندعه فأنزل الله هذه الآية وروي أن إحدى الجاريتين جاءت ببرد ، وجاءت الأخرى بدينار فقال لهما ارجعا فازنيا فقالتا : والله لا نفعل قد جاء الإسلام ، وحرم الزنا فأتيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكتا إليه فأنزل الله هذه الآية واختلف العلماء في معنى قوله إن أردن تحصنا على أقوال أحدها : أن الكلام ورد على سبب وهو الذي ذكر في سبب نزول الآية ، فخرج النهي على صفة السبب وإن لم يكن شرطا فيه الثاني : إنما شرط إرادة التحصن لأن الإكراه لا يتصور إلا عند إرادة التحصن ، فأمّا إذا لم ترد المرأة التحصن فإنها تبغي بالطبع طوعا الثالث : أن إن بمعنى إذا أي إذا أردن وليس معناه الشرط لأنه لا يجوز إكراههن على الزنا إن لم يردن تحصنا ، كقوله (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي إذا كنتم القول الرابع : أن في هذه الآية تقديما وتأخيرا تقديره وأنكحوا الأيامى منكم إن أردتم تحصنا ، ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء (لِتَبْتَغُوا) أي لتطلبوا (عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي من أموال الدنيا يريد كسبهن ، وبيع أولادهن (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَ) يعني على الزنا (فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعني للمكرهات والوزر على المكره ، وكان الحسن إذا قرأ هذه الآية قال لهن والله لهن والله. قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٣٤) اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥))
(وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ) أي من الحلال والحرام (وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ) أي شبها من حالكم بحالهم أيها المكذبون ، وهذا تخويف لهم أن يلحقهم ما لحق من كان قبلهم من المكذبين (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) أي المؤمنين الذين يتقون الشرك والكبائر. قوله عزوجل (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال ابن عباس : معناه الله هادي السموات والأرض فهم بنوره إلى الحق يهتدون ، وبهدايته من حيرة الضلالة ينجون وقيل معناه الله منور السموات والأرض ، نور السماء بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء وقيل : معناه مزين السموات والأرض زين السماء بالشمس والقمر والنجوم ، وزين الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين ، ويقال : زين الأرض