يتفرقوا عنه ولم ينصرفوا عما اجتمعوا له (حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) قال المفسرون «وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة ، وأراد الرجل أن يخرج من المسجد لحاجة أو عذر لم يخرج حتى يقوم بحيال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بحيث يراه فيعرف أنه إنما قام ليستأذن فيأذن لمن شاء منهم» قال مجاهد : وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده قال أهل العلم وكذلك كل أمر اجتمع عليه المسلمون مع الإمام لا يخالفونه ، ولا يرجعون عنه إلا بإذن وإذا استأذن الإمام إن شاء أذن له وإن شاء لم يأذن وهذا إذا لم يكن حدث سبب يمنعه من المقام فإن حدث سبب يمنعه من المقام ، بأن يكون في المسجد فتحيض امرأة منهم أو يجنب رجل أو يعرض له مرض فلا يحتاج إلى الاستئذان (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) أي أمرهم (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ) أي في الانصراف والمعنى إن شئت فأذن إن شئت فلا تأذن (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ) أي إن رأيت لهم عذرا في الخروتج عن الجماعة (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) قوله عزوجل (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) قال ابن عباس رضي الله عنهما : يقول احذروا دعاء الرسول إذا أسخطتموه فإن دعاءه موجب ليس كدعاء غيره وقيل معناه لا تدعوه باسمه ، كما يدعو بعضكم بعضا يا محمد يا عبد الله ، ولكن فخموه وعظموه وشرفوه وقولوا يا نبيّ الله يا رسول الله في لين وتواضع (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ) أي يخرجون (مِنْكُمْ لِواذاً) أي يستتر بعضهم ببعض ويروغ في خفية فيذهب قيل كانوا في حفر الخندق فكان المنافقون ينصرفون عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مختفين وقال ابن عباس لواذا أي يلوذ بعضهم ببعض ، وذلك أن المنافقين كان يثقل عليهم المقام في المسجد يوم الجمعة واستماع خطبة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فكانوا يلوذون ببعض أصحابه ، فيخرجون من المسجد في استتار وقوله قد يعلم فيه التهديد بالمجازاة (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) أي يعرضون عن أمره وينصرفون عنه بغير إذنه (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) أي لئلا تصيبهم فتنة أي بلاء في الدنيا (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي وجيع في الآخرة ، ثم عظم الله نفسه فقال تعالى :
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٤))
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ملكا وعبيدا (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) أي من الإيمان والنفاق (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ) يعني يوم القيامة (فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي من الخير والشر (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا تنزلوا النساء الغرف ، ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن الغزل وسورة النور» أخرجه أبو عبد الله بن السبع في صحيحه والله سبحانه وتعالى أعلم.