منهما الآخر وقيل ساحران يعني محمدا وموسى. وقيل إن مشركي مكة بعثوا إلى رؤوس اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد صلىاللهعليهوسلم فأخبروهم أن نعته في كتابهم التوراة فرجعوا فأخبروهم بقول اليهود فقالوا ساحران تظاهرا (وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) يعني بالتوراة والقرآن وقيل بمحمد وموسى (قُلْ) يا محمد (فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما) يعني من التوراة والقرآن (أَتَّبِعْهُ) يعني الكتاب الذي تأتون به من عند الله وهذا تنبيه على عجزهم عن الإتيان بمثله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) أي فإن لم يأتوا بما طلبت (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) يعني أن ما ركبوه من الكفر لا حجة لهم فيه وإنما آثروا أتباعهم ما هم عليه من الهوى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) قوله عزوجل (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ) قال ابن عباس : بينا وقيل أنزلنا آيات القرآن يتبع بعضها بعضا ، وقيل بينا لكفار مكة بما في القرآن من أخبار الأمم الخالية كيف عذبوا بتكذيبهم ، وقيل وصلنا لهم خبر الدنيا بخبر الآخرة حتى كأنهم عاينوا الآخرة في الدنيا (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي يتعظون (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل محمد صلىاللهعليهوسلم وقيل من قبل القرآن (هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه وقيل بل هم أهل الإنجيل الذين قدموا من الحبشة وآمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوسلم وهم أربعون رجلا قدموا مع جعفر بن أبي طالب فلما رأوا ما بالمسلمين من الحاجة والخصاصة قالوا : يا رسول الله إن لنا أموالا فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا بها المسلمين فأذن لهم فانصرفوا فأتوا فواسوا بها المسلمين. فنزلت هذه الآيات إلى قوله «ومما رزقناهم ينفقون» وقال ابن عباس : نزلت في ثمانين من أهل الكتاب أربعون من نجران واثنان وثلاثون من الحبشة وثمانية من الشام ثم وصفهم الله تعالى فقال (وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ) يعني القرآن (قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا) وذلك أن ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) أي من قبل القرآن مخلصين لله التوحيد ومؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم إنه نبي حق.
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥) إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦) وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ (٥٨))
(وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩) وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٠) أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١))
(أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) يعني بإيمانهم بالكتاب الأول والكتاب الآخر (بِما صَبَرُوا) أي على دينهم وعلى أذى المشركين (ق) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة يطؤها فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها ثم تزوجها فله أجران» (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ