السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠))
(قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) أي بتحقيق قولي إن العذاب نازل بهم. قوله عزوجل (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) أي من الله بإسحاق ويعقوب (قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) أي قوم لوط والقرية سدوم (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ قالَ) يعني إبراهيم إشفاقا على لوط وليعلم حاله (إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا) أي قالت الملائكة (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أي من الباقين في العذاب (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) أي ظنهم من الإنس فخاف عليهم ومعناه أنه جاءه ما ساءه (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) أي عجز عن تدبير أمرهم فحزن لذلك (وَقالُوا لا تَخَفْ) أي من قومك (وَلا تَحْزَنْ) علينا (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) أي إنا مهلكوهم ومنجوك وأهلك (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) أي عذابا (مِنَ السَّماءِ) قيل هو الخسف والحصب بالحجارة (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها) أي من قريات لوط (آيَةً بَيِّنَةً) أي عبرة ظاهرة (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يعني أفلا يتدبرون الآيات تدبر ذوي العقول قال ابن عباس الآية البينة آثار منازلهم الخربة وقيل هي الحجارة التي أهلكوا بها أبقاها الله حتى أدركها أوائل هذه الأمة. وقيل هي ظهور الماء الأسود على وجه الأرض. قوله تعالى (وَإِلى مَدْيَنَ) أي وأرسلنا إلى مدين ؛ ومدين اسم رجل وقيل اسم المدينة ؛ فعلى القول الأول يكون المعنى وأرسلنا إلى ذرية مدين وأولاده ؛ وعلى القول الثاني وأرسلنا إلى أهل مدين (أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ) أي افعلوا فعل من يرجوا اليوم الآخر وقيل معناه اخشوا اليوم الآخر وخافوه (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أي الزلزلة وذلك أن جبريل صاح فرجفت الأرض رجفة (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) أي باركين على الركب ميتين (وَعاداً وَثَمُودَ) أي وأهلكنا عادا وثمود (وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ) يا أهل مكة (مِنْ مَساكِنِهِمْ) أي منازلهم بالحجر واليمن (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) أي عبادتهم لغير الله (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) أي عن سبيل الحق (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) أي عقلاء ذوي بصائر. وقيل كانوا معجبين في دينهم وضلالتهم يحسبون أنهم على هدى وهم على باطل وضلالة والمعنى أنهم كانوا عند أنفسهم مستبصرين (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) أي أهلكنا هؤلاء (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) أي بالدلالات الواضحات (فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) أي فائتين من عذابنا (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) وهم قوم لوط رموا بالحصباء وهي الحصى الصغار (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) يعني ثمود (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) يعني قارون وأصحابه (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) يعني قوم نوح وفرعون وقومه (وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) أي بالهلاك (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي بالإشراك. قوله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ