الآية نزلت فيه وفي أشباهه : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلى آخر الآية. (ق) عن خباب بن الأرت قال «هاجرنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم نلتمس وجه الله. فوقع أجرنا على الله فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرة وكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدت رأسه ، فأمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه من الإذخر ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها» النمرة كساء ملون من صوف ، وقوله ومنا من أينعت أي أدركت ونضجت له ثمرته ، وهذه استعارة لما فتح الله لهم من الدنيا ، وقوله يهدبها أي يجتنيها ويقطعها. عن أبي موسى بن طلحة قال «دخلت على معاوية فقال ألا أبشرك سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : طلحة ممن قضى نحبه». أخرجه الترمذي. وقال هذا حديث غريب (خ) عن قيس بن أبي حازم قال «رأيت يد طلحة شلاء وقى بها النبي صلىاللهعليهوسلم يوم أحد». قوله عزوجل :
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٤) وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (٢٥) وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦))
(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) أي جزاء صدقهم وصدقهم هو الوفاء بالعهد (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) أي فيهديهم إلى الإيمان ويشرح له صدورهم (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني من قريش وغطفان (بِغَيْظِهِمْ) أي لم يشف صدورهم بنيل ما أرادوا (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) أي ظفرا (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) أي بالملائكة والريح (وَكانَ اللهُ قَوِيًّا) أي في ملكه (عَزِيزاً) أي في انتقامه. قوله تعالى (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي عاونوا الأحزاب من قريش وغطفان على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى المسلمين وهم بنو قريظة (مِنْ صَياصِيهِمْ) أي من حصونهم ومعاقلهم واحدها صيصية (وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) أي الخوف (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) يعني الرجال يقال كانوا ستمائة (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) يعني النساء والذراري يقال كانوا سبعمائة قيل وخمسين.
(وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (٢٩))
(وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) يعني بعد قيل هي خيبر ويقال إنها مكة وقيل فارس والروم وقيل هي كل أرض تفتح على المسلمين إلى يوم القيامة (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
قيل كانت في آخر ذي القعدة سنة خمس. وعلى قول البخاري المتقدم في غزوة الخندق عن موسى بن عقبة أنها كانت في سنة أربع. قال العلماء بالسير إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما أصبح من الليلة التي انصرف الأحزاب راجعين إلى بلادهم انصرف صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون عن الخندق إلى المدينة ووضعوا السلاح ، فلما كان الظهر أتى جبريل عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم متعمما بعمامة من إستبرق على بغلة بيضاء عليها رحالة وعليها من قطيفة من ديباج ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم عند زينب بنت جحش وهي تغسل رأسه وقد غسلت شقه فقال جبريل يا رسول الله قد وضعت السلاح؟ قال : نعم قال : جبريل عفا الله عنك ما وضعت الملائكة السلاح منذ أربعين ليلة وما رجعت الآن إلا من