خارجا إلى الصبح أطلقه. قال : ثم إن ثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسيد بن عبيد وهم نفر من بني هذيل ليسوا من قريظة ولا النضير نسبهم من فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وخرج في تلك الليلة عمرو بن السعدي القرظي فمر بحرس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعليهم محمد بن مسلمة الأنصاري تلك الليلة ، فلما رآه قال : من هذا قال : عمرو بن السعدي وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال لا أغدر بمحمد صلىاللهعليهوسلم أبدا فقال محمد بن مسلمة اللهم لا تحرمني من عثرات الكرام ، فخلى سبيله فخرج على وجهه حتى بات في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المدينة تلك الليلة ثم ذهب فلا يدري أين ذهب من أرض الله فذكر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم شأنه فقال ذاك رجل نجاه الله بوفائه ؛ وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق
برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأصبحت برمته ملقاة ولا يدري أين ذهب. فقال : فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلك المقالة فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتواثب الأوس وقالوا يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي الخزرج بالأمس ما قد علمت.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل بني قريظة حاصر بني قينقاع وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكمه. فسأله إياهم عبد الله بن أبي بن سلول فوهبهم له. فلما كلمه الأوس قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى. قال : فذلك إلى سعد بن معاذ وكان سعد جعله رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مسجده في خيمة امرأة من المسلمين يقال لها رفيدة وكانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب ، فلما حكمه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بني قريظة أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطئوا له وسادة من أدم وكان رجلا جسيما ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن في مواليك فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم فلما أكثروا عليه. قال : قد آن لسعد أن تأخذه في الله لومة لائم فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني الأشهل فنعى لهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد بن معاذ عن كلمته التي سمع منه ، فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فقاموا إليه وقالوا : يا أبا عمرو إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ولاك مواليك فتحكم فيهم. فقال سعد عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم ما حكمت. قالوا : نعم قال وعلى من ها هنا في الناحية التي فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو معرض عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إجلالا له فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم نعم. قال سعد : فاني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسعد «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار بنت الحارث من نساء بني النجار ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق يخرج بهم أرسالا وفيهم عدو الله ورسوله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة والمكثر لهم يقول : كانوا بين الثمانمائة إلى التسعمائة وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسالا يا كعب ما ترى ما يصنع بنا قال أفي كل موطن لا تعقلون ألا ترون الداعي لا ينزع وأن من يذهب به منكم لا يرجع هو والله القتل فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم النبي صلىاللهعليهوسلم وأتى بحيي بن أخطب عدو الله وعليه حلة تفاحية قد شققها عليه من كل ناحية كموضع الأنملة أنملة أنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلى عنقه بحبل فلما نظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبت على بني إسرائيل ثم جلس فضرب عنقه وروي عن عائشة قالت لم يقتل من نساء بني قريظة إلا امرأة واحدة قالت والله إنها لعندي تتحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقتل رجالهم