(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢))
(وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ) يعني مشدودين بعضهم إلى بعض يقال : قرنت الشيء بالشيء إذا شددته معه في رباط واحد (فِي الْأَصْفادِ) يعني في القيود والأغلال. قال ابن عباس : يقرن كل كافر مع شيطانه في سلسلة. وقال أبو زيد : تقرن أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد وهي القيود. وقال ابن قتيبة : يقرن بعضهم إلى بعض (سَرابِيلُهُمْ) يعني قمصهم واحدها سربال وقيل السربال كل ما لبس (مِنْ قَطِرانٍ) القطران دهن يتحلب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت ، وهو الهناء يقال هنأت البعير أهنؤه بالهناء وهو القطران قال الزجاج : وإنما جعل لهم القطران سرابيل لأنه يبالغ في اشتعال النار في الجلود ولو أراد الله المبالغة في إحراقهم بغير ذلك لقدر ولكنه حذرهم مما يعرفون وقرأ عكرمة ، ويعقوب من قطران على كلمتين منونتين فالقطر النحاس المذاب والآن الذي انتهى حره (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) يعني تعلوها وتجللها (لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) يعني من خير أو شر (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يعني إذا حاسب عباده يوم القيامة (هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ) يعني هذا القرآن فيه تبليغ وموعظة للناس (وَلِيُنْذَرُوا) يعني وليخوفوا بالقرآن ومواعظه وزواجره (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) يعني وليستدلوا بهذه الآيات على وحدانية الله تعالى (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) يعني وليتعظ بهذا القرآن وما فيه من المواعظ ، أولو العقول والأفهام الصحيحة ، فإنه موعظة لمن اتعظ والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.