القرآن عضين. قال : هم اليهود والنصارى جزءوه أجزاء آمنوا ببعض وكفروا ببعض ، قيل : هو جمع عضة من قولهم عضيت الشيء إذا فرقته ، وجعلته أجزاء وذلك لأنهم جعلوا القرآن أجزاء مفرقة. فقال بعضهم : هو سحر.
وقال بعضهم : هو كهانة. وقال بعضهم : هو أساطير الأولين. وقيل : هو جمع عضة. وهو الكذب والبهتان وقيل : المراد به العضة وهو السحر يعني أنهم جعلوا القرآن عضين (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) يعني عما كانوا يقولونه في القرآن. وقيل : عما كانوا يعملون من الكفر والمعاصي. وقيل : يرجع الضمير في لنسألنهم إلى جميع الخلق المؤمن والكافر لأن اللفظ عام فحمله على العموم أولى قال جماعة من أهل العلم عن لا إله إلا الله عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون قال : «عن قول لا إله إلا الله» أخرجه الترمذي. وقال : حديث غريب وقال أبو العالية : يسأل العباد عن خلتين عما كانوا يعبدون ، وماذا أجابوا المرسلين. فإن قلت : كيف الجمع بين قوله لنسألنهم أجمعين وبين قوله (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ)؟ قلت : قال ابن عباس : لا يسألهم هل عملتم لأنه أعلم به منهم ، ولكن يقول لم عملتم كذا واعتمده قطرب فقال : السؤال ضربان سؤال استعلام وسؤال توبيخ فقال تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) يعني سؤال استعلام وقوله (لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) سؤال توبيخ وتقريع وجواب آخر ، وهو يروى عن ابن عباس أيضا أنه قال في الآيتين : أن يوم القيامة يوم طويل فيه مواقف فيسألون في بعض المواقف ولا يسألون في بعضها نظيره قوله سبحانه وتعالى (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) وقال تعالى في آية أخرى (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) قوله سبحانه وتعالى (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) قال ابن عباس : أظهر. ويروى عنه أمضه. وقال الضحاك : أعلم وأصل الصدع الشق والفرق أي أفرق بالقرآن بين الحق والباطل أمر النبي صلىاللهعليهوسلم في هذه الآية بإظهار الدعوة وتبليغ الرسالة إلى من أرسل إليهم قال عبد الله بن عبيدة. ما زال النبي صلىاللهعليهوسلم مستخفيا حتى نزلت هذه الآية ، فخرج هو وأصحابه (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) أي اكفف عنهم ولا تلتفت إلى لومهم على إظهار دينك ، وتبليغ رسالة ربك وقيل أعرض عن الاهتمام باستهزائهم ، وهو قوله سبحانه وتعالى (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) أكثر المفسرين على أن هذا الإعراض منسوخ بآية القتال. وقال بعضهم : ما للنسخ وجه لأن معنى الإعراض ترك المبالاة بهم ، والالتفات إليهم ، فلا يكون منسوخا ، وقوله تعالى إنا كفيناك المستهزئين يقول الله تعالى عزوجل لنبيه محمد صلىاللهعليهوسلم فاصدع بما أمرتك به ولا تخف أحدا غيري فإني أنا كافيك ، وحافظك ممن عاداك فإنا كفيناك المستهزئين وكانوا خمسة نفر من رؤساء كفار قريش ، كانوا يستهزئون بالنبي صلىاللهعليهوسلم وبالقرآن وهم : الوليد بن المغيرة المخزومي وكان رأسهم ، والعاص بن وائل السهمي ، والأسود بن المطلب بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن زمعة ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد دعا عليه فقال : اللهم أعم بصره وأثكله بولده. والأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ، والحارث بن قيس ابن الطلاطلة كذا ذكره البغوي. وقال ابن الجوزي : الحارث بن قيس ابن عيطلة وقال الزهري : عيطلة أمة وقيس أبوه فهو منسوب إلى أبيه وأمة قال المفسرون : أتى جبريل عليهالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمستهزئون يطوفون بالبيت فقام جبريل ، وقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى جنبه فمر به الوليد بن المغيرة فقال جبريل : يا محمد كيف تجد هذا قال بئس عبد الله فقال : قد كفيته وأومأ إلى ساق الوليد فمرّ الوليد برجل من خزاعة نبال بريش نبلا له ، وعليه برد يماني وهو يجر إزاره فتعلقت شظية من النبل بإزار الوليد ، فمنعه الكبر أن يطأطئ رأسه فينزعها وجعلت تضربه في ساقه ، فخذشته فمرض فمات ، ومر بهما العاص بن وائل السهمي فقال جبريل : كيف تجد هذا يا محمد؟ فقال : بئس عبد الله ، فأشار جبريل إلى أخمص قدمه وقال : قد كفيته. فخرج العاص على راحلة يتنزه ، ومعه ابناه فنزل شعبا من تلك الشعاب فوطئ شبرقة فدخل منها شوكة في أخمص رجله ، فقال : لدغت لدغت فطلبوا فلم يجدوا شيئا وانتفخت رجله حتى صارت مثل عنق البعير ، فمات مكانه. ومر بهما الأسود بن المطلب فقال جبريل : كيف تجد هذا يا محمد؟ فقال : عبد سوء فأشار جبريل بيده إلى عينيه. وقال : قد كفيته فعمي. قال ابن