للغرب ، في علوم الجبر وحساب المثلثات واللوغاريتمات والهندسة الفراغية ، وبعضها علوم إسلامية بحتة ، والأرقام التى يستخدمها الأوروبيون اليوم هى ارقام عربية ، وكان الصفر من أعظم أفضال العرب على الحضارة ، وقد استخدموه مائتين وخمسين سنة ، ثم اقتنعت أوروبا في القرن الثانى عشر أنه لم يكن اختراعا أحمق إلى الدرجة التى توهمها مدعو العلم الغربيون ، كما قال «روم لاندو».
ولذلك فأعمال المسلمين واكتشافاتهم ومؤلفاتهم في العلوم الطبية والصيدلة لا حصر لها ولا عدد ، فإذا أبدينا إعجابنا وانبهارنا بما نعرفه اليوم من تقدم في هذه المجالات في أوروبا وأمريكا وغيرهما ، فلا بد ألا ننسى أن أصحاب الفضل والريادة فيها كانوا علماء المسلمين الذين وضعوا الأسس وأقاموا القواعد وعلموا العالم.
لقد عرف الأوروبيون «الكليات» لابن رشد ، ودرسوا كتب أبى بكر الرازى ، وموفق الدين البغدادى ، وابن النفيس الذي توصل إلى الدورة الدموية الصغرى قبل هارفى الإنجليزى وسارفيتوس الإسبانى بعدة قرون ، ودرسوا علم الجراحة على علماء مثل الرازى ، والمنصورى ، وتتلمذوا على أبى القاسم الزهراوى الذي وضع كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف» وهو موسوعة طبية في ثلاثين جزءا مزودة بوصف الآلات المستخدمة في إجراء العمليات الجراحية ، وكيفية استخدامها ، وجراحات المخ وظل مرجعا لتدريس الطب في الجامعات الأوروبية لعدة قرون ، وإذا رغب بعض المبهورين أو المفتونين بعلماء الغرب في البحث عن هذه العبقرية العلمية ، وكانت لديه الرغبة الصادقة في الاعتزاز بانتمائه لثقافته وحضارته وعدم التمادى في جلد الذات ، فإننى اقترح عليه ألا يبحث عن اسم أبى القاسم ، بل يبحث من اليسار إلى اليمين عن اسم (Abulcasis) الذي يعتز به غيرنا أكثر من اعتزاز بني جلدته وعقيدته به.
وعرف الأوروبيون أيضا عن المسلمين علم الطب السريرى (الإكلينكى) ،