ملكوت الله ، وإعمال العقل فيما سخره الله للإنسان في كونه ، وكانت لهم اكتشافاتهم وتصحيحاتهم العلمية وإبداعاتهم العلمية التى انطلقت من إيمانهم بالله واستجابتهم لما أمر به في كتابه : (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طه : ١١٤] ، وما دعاهم إليه نبيه عليه الصلاة والسلام فى قوله : «سلوا الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لا ينفع» وقوله : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ، حتى حققوا ما كان من إنجازات علمية باهرة بكل المقاييس وأعمال عظيمة ، جاءت هدية من العقول المسلمة والقلوب المؤمنة التى أقبلت بفهم على العلم ، إلى الإنسان في كل زمان ومكان في سعيه إلى التعلم والمعرفة وارتياد آفاق الكون.
وبين الكثير الذي قدموه إلى البشرية في هذا المجال وغيره ، نجد «صورة الأرض» للخوارزمى ، و «البلدان» لليعقوبى ، و «الممالك» لابن حوقل ، و «أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم» للمقدسى ، و «مسالك الممالك» للإصطخرى ، و «مروج الذهب» للمسعودى ، و «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للشريف الإدريسى ، (وهو جغرافى رائد وراسم خرائط من الطراز الأول ومصمم لأجهزة الملاحة) ، و «أزهار الأفكار في خواص الأحجار» للتيفاشى ، و «الجماهر في معرفة الجواهر» للبيرونى ، و «الشفاء» لابن سينا ، و «الفوائد في أصول علم البحار والقواعد» لابن ماجد ، وهذه المعارف في هذه الكتب التراثية أساس لعلم الجغرافيا وعلم الجيولوجيا.
لا ذنب للإسلام ـ إذن ـ أن يجهل ذلك فى زماننا ، أو يتجاهله المتعالمون من بيننا ، فيكرسون الشعور بالنقص والتبعية ، ثم يتعجبون في نفس الوقت من بعض العلماء المعاصرين الذين يعمقون الاعتزاز بالدين والإيمان والعلم من خلال محاولة تفسير علمى لبعض آيات القرآن الكريم تستهدف توظيف معطيات العلم لحسن فهم دلالة تلك الآيات ، أو من خلال تناول حقائق علمية يقينية كشف عنها العلم الحديث ، ثم تبين أن هناك آيات قرآنية نزلت منذ أكثر من أربعة عشر قرنا