عن الانقياد للعقل ؛ أما أنت فإنك تتبع صورة فرضتها عليك هيمنة مستبدة ...» (*).
لقد لاحظنا أن بعض مدعى التنوير فى هذا الزمان ، يرددون عن ثقافتنا الإسلامية ـ كالببغاوات ـ ما تنفثه أفواه الحاقدين على حضارة الإسلام والكارهين للمسلمين ، ويتناسون ما ذكره المنصفون من علماء الغرب الذين نقلوا عن العرب المسلمين وتعلموا منهم كيف تكون حرية الفكر مع استقامة الدين.
فهل يعلم مدعو التنوير عندنا هذه الحقائق؟ وهل يعلمون فضل العرب والمسلمين على الحضارة الغربية وما قدموه في مجالات العلوم الطبيعية والتجريبية؟ مما كان له الفضل فيما يجرى كشفه من حقائق علمية ، بعضها هو ما يتجدد به إعجاز القرآن.
أظن أنهم لو أحاطوا بإسهامات الحضارة الإسلامية وفضلها على الغرب ما قالوا ما قالوه ..
ولا نجتزئ بهذا المثال أو ذاك ؛ لأنه لا ينبغى اجترار الماضى ، وإنما نؤكد على ريادة المسلمين التى بنى عليها الغرب وعلماؤه لبنة فوق لبنة.
ولا نلومن إلا أنفسنا أن كشف غيرنا كنوز ما عندنا بل ونكون من الشاكرين ، فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى الناس بها ، فالقرآن الكريم لا تنتهى عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد ، وقد يكشف غير المنتسبين إليه من جوانب العظمة فيه ما لا يدرك معه أنه يكشف عن عظمة كتاب الله ؛ في التشريع أو في إعجازه العلمى.
وليس معنى ذلك ـ كما قلنا ونكرر ـ أن المسلمين أدوا دورهم في عصر من العصور ، هو عصر ازدهارهم وعلو شأنهم ، ثم لا تثريب عليهم بعد ذلك ،
__________________
* راجع ترجمة كتاب «الله ليس كذلك» للمستشرقة الألمانية الدكتورة زيجريد هونكه ـ الناشر دار الشروق ، ط ١ ، ١٩٩٥ م وخاصة الصفحات من ٨١ وما بعدها إلى ٩٢.