الدكتور زغلول النجار :
إن الجاذبية هى نتاج مباشر لانحناء كل من المكان والزمان حول أى جسم له كتلة ، وكلما زادت كتلة الجسم زادت جاذبيته ، وتظل جاذبية النجوم تزداد بزيادة كتلة النجم وتضاغط المادة بداخله حتى لا يستطيع الضوء أن ينفلت من عقاله فيتحول إلى ثقب أسود لا يرى ، ولكن يمكن إدراك موقعه بالتعرف على مجال جذبه القوى المتمثل فيما يسمى بالقرص التراكمى اللولبى الدوار المحيط به ، والذى تنقل المادة إليه فتنداح فى هذا القرص التراكمى بسرعة فائقة فترتفع درجة حرارتها إلى أكثر من مليون درجة لتشع فى المدى الطيفى الأشعة السينية قبل سقوطها فى الثقب الأسود ، وبواسطة تلك الأشعة السينية يتعرف الفلكيون على موقع الثقب الأسود الذى يمثل مركز ثقل المجرة ، وقد يكون بالمجرة ثقب أسود أو أكثر. هذا الثقب الأسود نظرا لكثافته العالية يسحب من المادة قبل أن يبتلعها تيارا من الإلكترونات ، فيتحدد موقعه بهذا التيار فهو نجم لكنه لا يرى ، وحينما يدور فى فلكه يمر بدخان كونى أو بأجرام أو بنجوم أخرى أو بنواتج انفجار تلك الأجرام والنجوم يبتلعها حتى يصل إلى كتلة حرجة ينفجر عندها ، فيتحول إلى سحابة من الدخان ، وكأن الله تعالى يرينا عملية الخلق الأول فى صفحة السماء أمام أنظارنا : وهكذا بدأ الخلق.
فيقسم ربنا ـ تبارك وتعالى ـ بالخنس ، وهو تعالى الغنى عن القسم فيقول : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) ونفى القسم فى اللغة العربية توكيد للقسم.
(الْجَوارِ الْكُنَّسِ) والكنّس هنا من الكنس ؛ لأنها حقيقة مكانس السماء. وأذهلنى أن أجد عالما أمريكيّا يصف الثقوب السود بقوله : «هذه مكانس السماء الشافطة العملاقة» ، وتعبير القرآن الكريم لهذه الحالة من حالات النجوم بوصف «نجم خانس كانس» أبلغ ألف مرة من تعبير «الثقب الأسود» ، لأن الثقب يوحى بالفراغ على عكس الواقع فهو حالة من حالات التكدس الشديد للمادة.