الدكتور زغلول النجار :
من أوضح الآيات الوصفية فى كتاب الله ، قول الحق تبارك وتعالى فى سورة الروم :
(الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ) [الروم : ١ ـ ٤].
هذه الآية الكريمة استخدمها علماء التفسير فى الاستشهاد على الإعجاز التنبؤى للقرآن الكريم ؛ لأنها تخبر عن معركة لم تكن قد قامت بعد بين الفرس والروم ، وتخبر بأنها ستحدث بعد بضع سنوات (أكثر قليلا من عشر سنوات).
فهذا إعجاز مستقبلى أو تنبئى للقرآن الكريم ، وحدثت المعركة بالفعل كما أخبر القرآن الكريم ، ففي سنة ٦١٣ م هزمت جيوش الفرس جيش الامبراطورية الرومانية الشرقية على أرض فلسطين ، واحتلت القوات الفارسية القدس ودمشق ، ثم مصر بعد ذلك بسنة واحدة (أى فى سنة ٦١٤ م) ، وفى السنة الثالثة (٦١٥ م) غزت قوات الفرس أرض الأناضول وهددت القسطنطينية نفسها فى سنة ٦١٦ م أى فى السنة السابعة بعد هجرة المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، ثم انقلبت موازين القوى بعد ذلك بثمانى سنوات حين هزمت القوات الرومانية جيوش الفرس ، ودخلت الأراضى الفارسية فى سنة ٦٢٤ م ، وهى نفس السنة التى انتصر فيها المسلمون فى موقعة بدر الكبرى.
لكن من الناحية العلمية لفظ (أدنى) فى هذه الآية معجز ومبهر للغاية ؛ لأن أدنى فى اللغة تأتى بمعنى أقرب ، كما تأتى بمعنى أخفض فقال المفسرون : (أدنى الأرض) هو أقرب الأرض من الجزيرة العربية ، والمعركة وقعت فى أرض فلسطين التى ندعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يحررها إن شاء الله قريبا من دنس اليهود الغاصبين ، وهم من ركازة الكفر فى الأرض ، وحثالات الشعوب ونفايات الامم.