وبقدر إثبات الإعجاز العلمى في القرآن ، فإنه يمثل عامل جذب ودعوة لغير المسلمين إلى الإسلام ، ويفيد إغلاق أبواب الإلحاد عندهم وعند من يجاريهم من ناشئة الشرقيين ومستغربى الفكر والثقافة ؛ حيث إن تأثيره على العقول أعظم أثرا من سائر البراهين.
ثم إن القول بأن أهداف القرآن الكريم التى جاءت بها آياته الكريمة تبين أنه كتاب هداية ، هو قول حق لا شك فيه ، ومع ذلك فهو لا يحصر أغراض القرآن الكريم ويقصرها على الهداية في مجالات : الاعتقاد والتشريع والتأمل الداعى إلى اكتساب المعارف وحسب ، فالباحث المحقق والمدقق إذا تدبر القرآن الكريم بإنعام نظر وفكر وعقل ، فإنه سيقف على إشارات تومئ إلى حقائق العلوم وإن لم تبسط من أنبائها ، أو تسم بأسمائها ؛ واحتواؤه على هذه العلوم يأتى آية له كلما انتشر العلم بين الناس ، وحجة على أهل العلم قائمة كلما اخترقوا أستار الطبيعة ، وكشفوا حقائق الموجودات.
ولا ندعى بذلك أن القرآن الكريم تضمن العلوم الكونية أو تفصيلاتها الدقيقة ، وإنما هى مجرد إشارات فى الواقع لعدد من الحقائق الكونية يؤدى استيعابها إلى إيناس العقل بالإيمان ولا تجعل منها مصدرا لدراسة تلك العلوم ، وإنما المقصود هو التأكيد على أن الحقائق العلمية المشار إليها في القرآن الكريم يؤدى فهمها إلى تعميق الإيمان بالله وقدرته. وليس معنى ذلك بحال من الأحوال أننا نمضى إلى ما يتوهمه ـ أو يتخوفه ـ البعض من تفسير القرآن كله تفسيرا علميّا ، أو تفسيره فى ضوء الإعجاز العلمى للقرآن ، وإنما المقصود هو الآيات الكونية فى القرآن الكريم.
أمّا أن المسلمين لم يكونوا هم السابقين إلى اكتشاف هذه العلوم أو بالأحرى الحقائق العلمية التى تثبت فى نطاقها ـ على الرغم من إشارات القرآن الكريم إليها ـ فإن هذا يعد قصورا فيهم هم ، فضلا عن أنه ليس من مقصود الكتاب الكريم على كل حال ، فالقرآن دعاهم وأمرهم وحثهم على التأمل والتنقيب والبحث.
وقصارى مطلوب العقل من الدين ألا يحجر عليه وألا يحول دون انطلاقه ، ولم