من ضمن هذه الإشارات الإشارة إلى البحار. (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) [الفرقان : ٥٣] الإشارة هنا إلى تدفق النهر إلى البحر ، ماء النهر عذب وماء البحر مالح ، والماء هو أعظم مذيب يعرفه الإنسان. هذا الماء الذى يذيب أكثر المواد الصلبة جعل له ربنا صفة خاصة أنه يختلط ولا يمتزج امتزاجا كاملا.
الأستاذ أحمد فراج :
بأى شىء يختلط؟
الدكتور زغلول النجار :
يختلط ببعضه ، لكنه لا يمتزج امتزاجا كاملا ، حينما يندفع النهر إلى البحر ، حينما يندفع نهر النيل عبر الدلتا إلى البحر الأبيض المتوسط ، نجد عند الدلتا ماء له صفات وسطية ، ماء قليل الملوحة.
الأستاذ أحمد فراج :
مثلا عند خروجه من فرع دمياط أورشيد.
الدكتور زغلول النجار :
أمام الفرعين مباشرة نجد أن هذا الماء ليس ماء البحر لكنه ماء يسميه العلماء ماء مويلحا ، ماء قليل الملوحة ، وهذا الماء قليل الملوحة يتحرك مسافة كبيرة فى البحر ، هذا الماء متوسط الملوحة أو قليل الملوحة يعمل كحاجز حقيقى ، يفصل بين الماء العذب من جهة والماء المالح من جهة أخرى.
وكل وسط من هذه الأوساط له صفاته الطبيعية والكيميائية الخاصة ، وله أنماط الحياة التى تحيا فيه ، وله أنواع الروسبيات التى تترسب فيه ، والكائنات لا تتحرك من منطقة إلى أخرى ، ولذلك يقول (وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً) ، لا يستطيع الكائن الحى أن ينتقل ، ولو انتقل يموت ، حين ينتقل من ماء عذب إلى ماء مالح يموت ، ولكن بفطرته لا ينتقل من مائه فهو محجور.