ومقاساة شدائد الدّنيا لطلب ثواب الله ورضاه ، (وَأَقامُوا الصَّلاةَ ؛) المفروضة ، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً ؛) أي أخرجوا من أموالهم جميعا الصّدقات المفروضات خفية وجهرا.
قوله تعالى : (وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ،) وإنما يكون درؤهم بالحسنة السيئة على وجهين ، أحدهما : العلم والوعظ بالكلام الحسن ، والثاني : أن يقاتلوهم ويقبضوا على أيديهم.
قوله تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٢) ؛ أي أهل هذه الصّفة لهم الدار التي أعقبتها لهم أعمالهم وهي الجنّة. ثم بيّن الله صفة الجنة فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها ؛) قال ابن عبّاس : (وهي وسط الجنّة ، وهي معدن الأنبياء والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين).
قوله تعالى : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ؛) أي ويدخلها من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرّياتهم ، (وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ) (٢٣) يعني من أبواب البساتين يقولون لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ) على شدائد الدّنيا ، وعلى المشقّة في طاعة الله ، فنعم الدار التي أعقبتها لهم أعمالهم ، قال ابن عبّاس : (لكلّ واحد من أهل جنّات عدن جنّة من درّة مجوّفة لها ألف باب مصراعه من الذهب ، يدخل عليه من كلّ باب ملك يقولون : سلام عليكم بما صبرتم ، (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ ؛) أي الذين يتركون فرائض الله من بعد تأكيد العهد عليهم ، (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ؛) بالظّلم والدعاء إلى غير عبادة الله ، (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ؛) أي ما يبعدهم من رحمة الله ، (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢٥) ؛ وهو النار في الآخرة ، وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [أعجل الخير ثوابا صلة الرّحم ، وأعجل الشّرّ عقابا البغي واليمين الغموس تدع الدّيار بلاقع](١).
__________________
(١) ذكره أهل اللغة في غريب الحديث ، ينظر : كتاب الغريبين للهروي : (بلقع).