قوله تعالى : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ ؛) أي أجابه صاحبه المسلم منكرا بما قال وهو يخاطبه : (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ؛) أي بالذي خلق أصلك من تراب ؛ (ثُمَّ ؛) خلقك ؛ (مِنْ نُطْفَةٍ ؛) أبيك ؛ (ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (٣٧) ؛ أي أكملك وجعلك معتدل الخلق والقامة ، وجعلك بشرا سويّا.
قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي ؛) معناه : أمّا أنا فلا أكفر بربي ، لكن هو الله ربي ؛ تقديره : لكن أنا هو الله ربي ، وقيل : فيه تقديم وتأخير تقديره : لكنّ الله هو ربي ؛ أعلم بذلك أخاه الكافر بأنه موحّد مسلم.
ومن قرأ : (لكِنَّا) فالمعنى لكن أنا (١) ؛ إلّا أنه حذفت الهمزة ، وأبقيت حركتها على السّاكن الذي قبلها ، فالتقى نونان فأدغمت إحداهما في الأخرى (٢). قوله تعالى : (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) (٣٨) ؛ ظاهر المراد.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ ؛) معناه : أنّ المسلم قال للكافر : هلّا قلت حين دخلت ما شاء الله! أي الأمر بمشيئة الله ، وما شاء الله كان يعني إن شاء الله خراب هذه الجنّة وإهلاكها كان ذلك بمشيئة الله ، (لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ ؛) أي لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلّا بالله ، ولا يكون له ما شاء الله ، ولا قوة في بدنه وملكه إلّا بالله.
قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً) (٣٩) ؛ معناه : أن المسلم قال للكافر : إن كنت أنا أقلّ منك مالا وعشيرة فأنا راض بما قسم لي ، قوله تعالى : (أَقَلَّ) منصوب ؛ لأنه مفعول (ترني). وقوله تعالى : (أَنَا) عماد ، ومن قرأ (أقلّ) بالرفع فعلى معنى (أَنَا) مبتدأ و (أقلّ) خبر في موضع المفعول.
__________________
(١) في المخطوط : أدرج الناسخ حرف (إلّا) ويبدو أنه وهم.
(٢) في إعراب القرآن : ج ٢ ص ٢٩٥ ؛ قال ابن النحاس : (لكِنَّا مذهب الكسائي والفراء المازني : أن الأصل (لكن أنا) فألقيت حركة الهمزة على نون (لكن) ، وحذفت الهمزة ، وأدغمت النون في النون. والوقف عليها (لكِنَّا) وهي ألف أنا لبيان الحركة ، ومن العرب من يقول : أنه). وينظر : معاني القرآن للفراء : ج ٢ ص ١٤٤.