وعن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [استكثروا من الباقيات الصّالحات] قيل : ما هي يا رسول الله؟ قال : [التّكبير ؛ والتّهليل ؛ والتّسبيح ؛ ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم](١). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إن عجزتم عن اللّيل أن تكابدوه ، وعن العدوّ أن تجاهدوه ، فلا تعجزوا عن قول : سبحان الله ؛ والحمد لله ؛ ولا إله إلّا الله ؛ والله أكبر. فإنّها من الباقيات الصّالحات](٢).
وقيل : هي كلّ عمل صالح يثاب عليه. قوله تعالى : (خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) أي أفضل ثوابا ، وأفضل أملا من المال والبنين.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً ؛) أي واذكر يوم نسيّر الجبال ، ويجوز أن يكون المعنى وخير أملا يوم نسيّر الجبال ، وتسيّر الجبال وتسييرها : قلعها ، فإنّ الله تعالى يقلعها عن وجه الأرض يومئذ ، فيسيّرها في الهواء ، كما يسيّر السحاب في الدّنيا ، ثم يجعلها هباء منثورا فتعود في الأرض حتى لا يبقى شيء ، ولذلك قال تعالى (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) أي ظاهرة مستوية لا يستر شيء شيئا ، ولو كان يبقى شيء من الجبال والأشجار والنبات لم تكن الأرض بارزة. قوله تعالى : (وَحَشَرْناهُمْ ؛) يعني المؤمنين والكافرين ، أي بعثناهم من قبورهم ، (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (٤٧) ؛ أي لم نترك منهم أحدا في قبره نسيانا ولا غفلة.
قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا ؛) أي معناه : أن الناس كلّهم يعرضون على الله تعالى مصفوفين ، كلّ زمرة وأمّة صفّ ، فيكونون صفّا بعد صفّ كصفوف الصلاة إلّا أنّهم صفّ واحد.
قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ؛) أي أعدناكم كما خلقناكم أوّل مرة. وقال ابن عبّاس : معناه (حفاة عراة ليس معهم شيء ممّا اكتسبوه في الدّنيا كما في أوّل الخلق).
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٧٥. وابن حبان في الإحسان : كتاب الصلاة : باب النوافل : الحديث (٢٥٠٥). والحاكم في المستدرك : كتاب الدعاء والتكبير : باب الباقيات الصالحات : الحديث (١٩٣٢) ، وقال : هذا أصح إسناد المصريين ولم يخرجاه.
(٢) في الدر المنثور : ج ٥ ص ٣٩٧ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه).