قوله تعالى : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) (٥١) ؛ أي ما كنت متّخذ الشياطين الذين يضلّون الناس أعوانا يعضدونني. ومن قرأ (وما كنت) بالفتح ، فالمعنى : وما كنت يا محمّد لتتّخذ (١) المضلّين أنصارا.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ؛) معناه : يوم القيامة يقول الله للمشركين : نادوا شركائي الّذين زعمتم أنّهم شركاؤهم للأصنام والشياطين وذريّته ؛ ليدفعوا عنكم العذاب ، (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) (٥٢) ؛ أي جعلنا بين العابد والمعبود من العذاب ما يوبقهم ؛ أي ما يهلكهم ، وقيل : معناه : وجعلنا بينهم وبين المؤمنين ؛ أي بين أهل الهدى وأهل الضّلالة موبقا.
قال عبد الله بن عمر : (هو واد في جهنّم من الصّديد والقيح والدّم ، يفرّق يوم القيامة بين لا إله إلّا الله ومن سواهم) (٢). وقال عكرمة : (هو نهر من النّار يسيل نارا ، على حافّتيه حيّات مثل البغال). وقال الضحّاك : (معناه : وجعلنا بينهم مهلكا) ، وقال الحسن : (عداوة) ، ويقال : أوبقه الله ؛ أي أهلكه ، ووبق أي هلك. قرأ حمزة (ويوم نقول) بالنّون.
قوله تعالى : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها ؛) أي ورأى المشركون النار مسيرة أربعين سنة ، وايقنوا أنّهم داخلوها ، (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) (٥٣) ؛ معدلا يعدلون إليه ، لأنّها أحاطت بهم من كلّ جانب ، والمواقعة ملامسة الشّيء بشدّة ، ومنه وقائع الحروب.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ؛) أي بيّنّا لهم من كلّ مثل يحتاجون إليه في أمر دينهم ، (وَكانَ الْإِنْسانُ ؛) أي الكافر ، (أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (٥٤) ؛ في تكذيب الرّسل ، وما جاءوا به من الآيات. قيل : أراد بالإنسان النضر بن الحارث وجداله في القرآن. وقال الكلبيّ : (يعني
__________________
(١) في المخطوط رسمها غير واضح ، ومن المحتمل أن تكون (لتجد) والراجح ما أثبتناه.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٤٤٦).