قوله تعالى : (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ؛) قل لهم : الرّحمن ربي لا إله إلا هو ، (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) (٢٠) ؛ أي وإليه أتوب من ذنوبي.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى ؛) وذلك أنّ عبد الله بن أمية المخزومي ، وجماعة من كفّار مكة قالوا : يا محمّد سيّر لنا جبال مكّة ، فأذهبها حتى تنفسح فيها فإن أرضنا ضيّقة ، ثم اجعل لنا فيها عيونا وأنهارا ، وقرّب أسفارنا فيما بيننا وبين الشّام فإن السفر بعيد ، وافعل كما فعل سليمان بالرياح بزعمك ، فأنزل الله هذه الآية.
ومعناها : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ) اذهبت به الجبال عن وجه الأرض قطّعت به الأرض مسيرة شهر في يوم أو أحيي به الموتى فتكلّموا ، لكان هذا القرآن لما فيه من الدّلالات الكثيرة على صحّة هذا الدّين ، ولو أمكن أن نجعل هذه الأمور لشيء من كتب الله لأمكن بهذا القرآن.
وأما حذف جواب (لَوْ) في هذه الآية فهي على وجه الاختصار ؛ لأنّ في الكلام دليلا عليه. قوله تعالى : (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ؛) أي بل الله هو المالك لهذه الأشياء ، القادر عليها ، ولكن لا يختار إلا ما فيه مصلحة العباد.
قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا ؛) معناه : أفلم يعلم الذين آمنوا ، (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً ؛) إلى الإيمان بالإلجاء إليه أن الله تعالى قادر على ذلك ، ولكن لو فعل لبطل الامتحان والتكليف ، والإياس بمعنى العلم في لغة النخع (١).
قوله تعالى : (وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ ؛) أي ولا يزال الذين كفروا في عقوبات من قبل الله يزجرهم عن الكفر ، ويحثّهم على التمسّك بدين الله ، كما نزل بقريش من القحط ، وبقوم فرعون من الشدائد.
__________________
(١) في معاني القرآن : ج ٢ ص ٦٤ ؛ قال الفراء : (وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ؛ قال : ييأس في معنى يعلم ، لغة للنخع). وأخرجه الطبري من وجه في جامع البيان : الأثر (١٥٤٩٠) عن ابن عباس رضي الله عنهما.