أبلغ في الإنكار ؛ لأنّ خرق السّفينة يوجب غرق أهلها ، وذلك أعظم من قتل نفس واحدة). قوله تعالى : (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) (٧٥) ؛ ظاهر المعنى.
قوله تعالى : (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها ؛) أي بعد هذه الكرّة ، (فَلا تُصاحِبْنِي ؛) إن طلبت صحبتك ، (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (٧٦) ؛ أي بلغت من عندي إلى وقت العذر. روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [رحم الله أخي موسى استحيا ، فقال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني ، ولو ثبت مع صاحبه لأبصر الأعاجيب](١).
قوله تعالى : (مِنْ لَدُنِّي) قرأ العامّة بتشديد النون وهو الأجود ؛ لأنّ أصل (لدن) الإسكان ، فإذا أضفتها إلى نفسك ردّت نونا ليسلم سكون النون الأولى ، كما يقول عن زيد وعنّي. ومن قرأ بتخفيفها قال (لدن) اسم غير متمكّن ، فيجوز حذف النون منه.
قوله تعالى : (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها ؛) قيل هي قرية أنطاكيّة ، قوله تعالى : (اسْتَطْعَما أَهْلَها) أي سألا لهم الطعام ، (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما ؛) قال صلىاللهعليهوسلم : [وكانوا أهل قرية لئاما](٢).
وقوله تعالى : (فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ ؛) أي جدارا مائلا مشرفا على الانهدام يكاد يسقط بسرعة. قال وهب : (كان جدارا طوله في السّماء مائة ذراع) وأمّا قوله (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) هذا من مجاز كلام العرب ؛ لأن الجدار لا إرادة له ، وإنّما معناه : قرب ودنا.
وقوله تعالى : (فَأَقامَهُ.) قال ابن عبّاس : (هدمه ثمّ أعاد بناءه). وقال ابن جبير : (مسح الجدار ورفعه بيده فاستقام). وقوله تعالى : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) قرأ أبو رجاء (يضيفوهما) مخفّفة.
__________________
(١) أخرجه الإمام أحد في المسند : ج ٥ ص ١١٨. ومسلم في الصحيح مطولا : كتاب الفضائل : باب من فضائل الخضر : الحديث (١٧٠ / ٢٣٨٠).
(٢) في الدر المنثور : ج ٥ ص ٤٢٧ ؛ قال السيوطي : (أخرجه الديلمي عن أبي بن كعب).