عملهم واجتهادهم في الدّين ، (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (١٠٤) ؛ أي وهم يظنّون أنّهم يعملون صالحا.
ثم بيّن من هم فقال : (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ ؛) أي جحدوا دلائل توحيده ، وأنكروا البعث بعد الموت ، (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ؛) أي بطلت حسناتهم التي عملوها مثل صلة الرّحم ، والإحسان إلى الناس ، فلا يرون سعيهم مع الكفر شيئا ، (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ ؛) ولا يكون لهم عند الله ، (يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٠٥) ؛ قدرا ولا منزلة.
قوله تعالى : (ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا ؛) أي ذلك الإحباط جزاؤهم ، (وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً) (١٠٦) ؛ أي واتّخاذهم القرآن ونبوّة أنبيائي هزوا ؛ يستهزؤن بها.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) (١٠٧) ؛ الفردوس في اللّغة : جنّة ذات كروم. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [الجنّة مائة درجة ، ما بين كلّ درجتين ما بين السّماء والأرض ، الفردوس أعلاها ، منها تتفجّر الأنهار الأربعة ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس](١). وقال صلىاللهعليهوسلم : [جنّات الفردوس أربع : جنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما من فضّة ، وجنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما من ذهب](٢).
وقيل : خلق الله الفردوس بيده يفتحها كلّ يوم خمس مرّات ، فيقول : ازدادي حسنا وطيبا لأوليائي. وقال قتادة : (الفردوس ربوة الجنّة وأفضلها وأرفعها) (٣) وقال
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٧٦٣٩). والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٣١٦ عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت. وابن ماجة في السنن : كتاب الزهد : الحديث (٤٣٣١) عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٧٦٤٢) عن الحارث بن عمير عن أبيه ، والحديث (١٧٦٤٣) عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه. وهو طريق ابن أبي شيبة في المصنف : الحديث (٣٤٠٩٨).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٦٣٤).