النصب أقول قول الحقّ ، (الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ) (٣٤) ؛ أي يشكّون فيختلفون ، فإنّهم اختلفوا ـ يعنى النصارى ـ فقائل منهم يقول : هو الله ، وقائل يقول : هو ابن الله ، واليهود تقول : ولد لغير رشدة.
قوله تعالى : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ ؛) أي ما ينبغي لله أن يتخذ ولدا وليس ذلك من صفاته ، وقوله تعالى : (سُبْحانَهُ ؛) أي تنزيها له عن الولد والشريك. قوله تعالى : (إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٥) ؛ أي كيف يتّخذ ولدا من إذا شاء أمرا كان كما خلق عيسى بلا أب.
قوله تعالى : (وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٣٦) ؛ هذا إخبار عن عيسى أنه قال ذلك. من قرأ بفتح الهمزة فالمعنى : وأوصاني أنّ الله ربي وربّكم ، أو قضى أنّ الله ربي وربّكم ، ومن كسرها فعلى الاستئناف ، ويجوز أن يكون عطفا على (إِنِّي عَبْدُ اللهِ). والصراط المستقيم هو الدّين المستمرّ في جهة واحدة ، وقيل : معناه : هذا الذي أخبركم أنّ الله أمرني به هو الطريق المستقيم الذي يؤدّي إلى الجنّة.
قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ؛) ويعني بالأحزاب : النصارى ، كانوا أحزابا متفرّقين في أمر عيسى عليهالسلام ، فبعضهم يقول : الله ، وبعضهم يقول : هو ابن الله ، وبعضهم يقول : ثالث ثلاثة.
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٣٧) ؛ أي فويل للّذين تحدّثوا في عيسى من مشهد يوم عظيم يشهده الخلائق.
قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا ؛) أي ما أسمعهم وما أبصرهم يوم القيامة ؛ أي يشاهدون من الغيب ما يسمع ويبصر بلا شكّ ولا مرية. قال قتادة : (سمعوا حين لم ينفعهم السّمع ، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر) (١). وقال
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٧٨٨٢). وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٥١١ ح قال السيوطي : (أخرجه ابن أبي حاتم).