الحسن : (لئن كانوا في الدّنيا عميا وصمّا عن الحقّ ، فما أبصرهم وأسمعهم يوم القيامة). قوله تعالى : (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٣٨) ؛ أي لكنّهم في الدّنيا في كفر بيّن.
قوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ ؛) أي خوّف يا محمّد أهل مكّة يوم يتحسّر المسيء هلّا أحسن العمل ، والمحسن هلّا ازداد من الأحسن. وقال أكثر المفسّرين : يعني الحسرة يوم يذبح الموت بين الفريقين ، فلو مات أحد فرحا لما مات أهل الجنّة ، ولو مات أحد حزنا لما مات أهل النار.
وعن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [يجاء بالموت يوم القيامة كأنّه كبش أملح ، فيوقف بين الجنّة والنّار ، فيقال : يا أهل الجنّة هل تعرفون هذا؟ فيشرفون عليه ، فيقولون : نعم ؛ هذا الموت. فيقال لأهل النّار كذلك ، فكلّهم قد عرفه ، فيذبح ، ويقال : يا أهل الجنّة خلود بلا موت ، ويا أهل النّار خلود بلا موت] ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ)(١). قال مقاتل : (لو لا ما قضى الله من تخليد أهل النّار وتعميرهم فيها ، لماتوا حسرة حين رأوا ذلك).
قوله تعالى : (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أي قضي لهم العذاب في الآخرة ، وهم في الدّنيا في غفلة. وقال السديّ : ((إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) ؛ أي ذبح الموت وهم في غفلة في الدّنيا عمّا يصنع بالموت ذلك اليوم) (وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٣٩) ؛ بما يصنع بالموت ذلك اليوم.
ويقال : معنى قوله تعالى (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) هو يوم يأتيهم ملك الموت يقبض أرواحهم ، فإذا وقعت المعاينة قال عند ذلك : رب أرجعوني ، قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح : كتاب الرقائق : باب صفة الجنة والنار : الحديث (٦٥٤٨). ومسلم في الصحيح : كتاب الجنة وصفة نعيمها : باب النار يدخلها الجبارون : الحديث (٤٠ / ٢٨٤٩).