قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) (٩٦) ؛ أي يحبّهم في الدّنيا ، ويحببهم إلى عباده المؤمنين من أهل السّموات وأهل الأرضين. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إذا أحبّ الله العبد ، قال الله تعالى : يا جبريل إنّي قد أحببت فلانا فأحبّه ، فيحبّه جبريل ، ثمّ ينادي في أهل السّموات : إنّ الله قد أحبّ فلانا فأحبّوه ، فيحبّه أهل السّماء ، ثمّ توضع له المحبّة في الأرض. وإذا أبغض العبد قال مثل ذلك. وما أقبل عبد بقلبه على الله إلّا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتّى يرزقه الله مودّتهم ومحبّتهم](١).
قوله تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ ؛) أي يسّرنا قراءة القرآن على لسانك ، (لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ) أي بالقرآن ؛ (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) (٩٧) أي قوما ذوي جدل بالباطل ، واللّدّ جمع الألدّ : شديد الخصومة ، نظيره الأصمّ (٢).
قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ؛) أي كم أهلكنا يا محمّد قبل قومك من قرون ماضية ، (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ ؛) أي هل ترى منهم من أحد؟ (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (٩٨) ؛ أي صوتا.
والإحساس مأخوذ من الحسّ ، يقال : هل أحسست فلانا ؛ أي هل رأيته. والرّكز : هو الصوت الخفيّ الذي لا يفهم ، ومنه الرّكاز : وهو المغيّب في الأرض. قال الحسن في معنى الآية : (ذهب القوم فلا يسمع لهم صوت). وقال قتادة : (معناه : هل ترى من عين أو تسمع من صوت).
وعن أبيّ بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [من قرأ سورة مريم أعطي من الأجر بعدد من صدّق بزكريّا ويحيى ومريم وعيسى وهارون وإبراهيم وإسماعيل
__________________
(١) رواه البخاري في الصحيح : كتاب الآداب : باب المحبة من الله : الحديث (٦٠٤٠). ومسلم في الصحيح : كتاب البر والصلة : باب إذا أحب الله عبدا : الحديث (١٥٧ / ٢٦٣٧).
(٢) في المخطوط : (نظيره الأصم والأصم) فهو إما سهو من الناسخ ، أو أنه أراد أن يقول : (والألدّ هو الأصمّ عن الحقّ).