قوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) (٨) ؛ أي له الصفات العليا.
قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) (٩) ؛ هذا استفهام تقرير بمعنى الخبر ، يريد : قد أتاك حديث موسى ، (إِذْ رَأى ناراً ؛) قال ابن عبّاس : (كان موسى عليهالسلام رجلا غيورا لا يصحب الرّفقة ؛ لئلّا يرى أحد امرأته ، فأخطأ الطّريق في ليلة مظلمة ، فرأى نارا من بعيد). (فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا ؛) أي قال لامرأته : أقيموا مكانكم ، (إِنِّي آنَسْتُ ناراً ؛) أي رأيتها وأبصرتها ، (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ ؛) أي بشعلة ، (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) (١٠) ؛ أي من يدلّني على الطريق. قال الفرّاء : (أراد هاديا ، فذكر بلفظ المصدر) (١). قال السديّ : (لأنّ النّار لا تخلوا من أهل لها وناس عندها).
كانت رؤيته للنار في ليلة الجمعة ، وكان قد استأذن شعيبا عليهالسلام في الرجوع إلى والدته فأذن له ، فخرج بامرأته ، فولدت في الطريق في ليلة باردة مثلجة ، وقد حاد عن الطريق ، فقدح فلم ير نور المقدحة شيئا ، فبينما هو في مداولة ذلك إذ أبصر نارا عن يسار الطريق ، فقال لامرأته : امكثوا ـ أي أقيموا مكانكم ـ إنّي أبصرت نارا ، لعلّي آتيكم منها بقبس ، أو أجد على النّار من يدلّني على الطريق.
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى) (١١) ؛ أي فلمّا أتى النار أي شجرة خضراء من أسفلها إلى أعلاها كأنّها نار بيضاء تتّقد ، فسمع تسبيح الملائكة ، ورأى نورا عظيما ، فخاف وتعجّب ، وألقيت عليه السكينة ، ثم نودي يا موسى ، (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ ؛) وإنّما كرّر الكناية ؛ لتوكيد الدلالة ، وإزالة الشّبهة ، وتحقيق المعرفة. قرئ (إنّي أن ربّك) بفتح الهمزة وكسرها ، فمن فتح فعلى معنى بأنّي ، ومن كسر فعلى معنى الابتداء.
قال وهب : (نودي من الشجرة ، فقيل : يا موسى ، فأجاب سريعا لا يدري من دعاه ، فقال : إنّي أسمع صوتك فلا أرى مكانك ، فأين أنت؟ قال : أنا فوقك ومعك
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن : ج ٢ ص ١٧٥.