ويقال : إنه ابتلي بالوسواس ، ويقال : إنّ موسى همّ بقتل السامريّ فقال الله : لا تقتله فإنه سخيّ! فكان السامريّ إذا لقي أحدا يقول : لا مساس ؛ أي لا تقربني ولا تمسّني ، وذلك عقوبة له ولولده ، عاقبه الله بذلك حتى أن بقاياهم اليوم يقولون كذلك. وذكر أنه إذا مسّ واحد من نسله أحدا من غيرهم حمّ كلاهما في الوقت. قوله تعالى : (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ ؛) معناه : وإن لك يا سامريّ أجلا يكافؤك الله فيه على ما فعلت وهو يوم القيامة.
قرأ الحسن وابن مسعود : (نخلفه) (١) وابن كثير وابن عامر (تخلفه) بكسر اللام ؛ أي لن يغيب عنه بل يوافقه ، ولا مذهب لك عنه ، وقرأ الباقون بفتح اللام بمعنى لن يخلفه الله.
قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ ؛) أي وانظر إلى العجل الذي أقمت على عبادته ، وزعمت أنه إلهك ومعبودك ، (الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً ؛) أي مقيما تعبده ، تقول العرب ظلت أفعل كذا بمعنى ظللت.
قوله تعالى : (لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (٩٧) ؛ قال ابن عبّاس : (حرّقه بالنّار ، ثمّ ذرّاه في اليمّ) وهذه القراءة تدلّ على أن ذلك العجل صار حيوانا لحما ودما لأن الذهب والفضّة لا يمكن إحراقهما بالنار.
وذكر في بعض التفاسير : أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم ، لأنّه كان قد صار دما ولحما ، ثم أحرقه بالنار ثم ذرّاه في البحر (٢).
وكان الحسن يقرأ (لنحرقنّه) بالتخفيف ، ومعناه : لنذبحنّه ثم لنحرقنه بالنار ، لأنه لا يجوز إحراق الحيوان قبل الذبح كما روي في الخبر : [لا تعذّبوا أحدا
__________________
(١) سقطت من المخطوط : (وابن مسعود : نخلفه). وفي الكشاف : ج ٣ ص ٨٣ ؛ قال الزمخشري :
(وعن ابن مسعود : (نخلفه) بالنون ، أي لن يخلفه الله). وفي اللباب في علوم الكتاب : ج ١٣ ص ٣٧٥ ؛ قال ابن عادل : (وابن مسعود والحسن بضم نون العظمة وكسر اللام). وقال :
(والمعنى : لن يخلف الله موعده الذي وعدك).
(٢) ذكره البغوي أيضا في معالم التنزيل : ص ٨٢٦.