قوله تعالى : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ؛) منصوب بقوله (يَلْعَبُونَ) ، ومعناه : غافلة قلوبهم عما يراد بهم ، معرضة عن ذكر الله. قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ؛) أي تناجوا فيما بينهم سرّا.
ثم بيّن من هم فقال : (الَّذِينَ ظَلَمُوا ؛) أي الذين أشركوا بالله ، و (الَّذِينَ) في موضع الرفع بدل من الضمير في (أَسَرُّوا) كما في قوله تعالى (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ)(١) ، ويجوز أن يكون (الَّذِينَ) خفض نعتا للناس ؛ أي اقترب للناس الذين هذا حالهم.
ثم بيّن النّجوى الذي أسرّوه بقوله : (هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ؛) أطلع الله النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّهم قالوا : هل محمّد إلّا بشر مثلكم ، فإذن تتبعون بشر مثلكم ، (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) (٣) ؛ وأنتم تعلمون أنه سحر. قال السديّ : (قالوا متابعة محمّد متابعة السّحر) ، والمعنى : أتقبلوا السّحر ، وأنتم تعلمون أنه سحر.
قوله تعالى : (قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ ؛) أي قل لهم يا محمّد : ربي الذي أعبده وأدعوا إلى عبادته هو الله الذي يعلم ما تسرّه العباد من القول في السّماء والأرض ، (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٤) ؛ لذلك كلّه ، العالم بما يجري عليه ، ومن هذه صفته ، فهو الذي يجب أن يعبد دون الأصنام. وقرأ أهل الكوفة : (قالَ رَبِّي) على الخير. قوله تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي السميع لأقوالهم ، العليم بأفعالهم.
قوله تعالى : (بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ ؛) أي قال الكفار : إنّ ما أتي به محمّد تخاليط رؤيا رآها في المنام ، و (بَلْ) ها هنا انتقال إلى خبر آخر عنهم.
__________________
(١) المائدة / ٧١.