قوله تعالى : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ ؛) أي قل من يحفظكم من بأس الرّحمن ، وعوارض الآفات في الليل والنهار وعقوبات الدّنيا والآخرة ، (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) (٤٢) ؛ لا يلتفتون إلى شيء من الحجج والمواعظ.
قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا ؛) من عذابنا ، (لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ ؛) معناه : أنّ آلهتهم لا يقدرون على الدفع عن أنفسهم في درء ما ينزل بهم من كسر أو فساد ، فكان ينصرهم ويمنع عنهم ما ينزل بهم ، وقوله تعالى : (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) (٤٣) ؛ يعني الكفار. قال الكلبيّ : (معناه : ولا هم مجارون من عذابنا) أي لا يجيرهم منّا أحد ، لأن المجير صاحب الجار ، يقال : صحبك الله ؛ أي حفظك الله وأجارك. وقال قتادة : (معناه : ولا هم يصحبون من الله بخير) (١) يقال أصحبت الرجل إذا أعطيته أمانا يأمن به.
وقوله : (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ ؛) يعني أهل مكّة متّعهم الله بما أنعم عليهم ، (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ؛) فاغترّوا بذلك ، والمعنى ما حملهم على الإعراض إلّا الاغترار بطول الإمهال.
وقوله تعالى : (أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ؛) معناه : أفلا يشاهدون أنّا نفتح الأرض من جوانبها ، وننقص من الشّرك بإهلاك أهلها ، فيزداد هو كلّ يوم تمكّنا ، وتزدادون ضعفا ونقصا؟ والمعنى : ألم ير المشركون الذين يحاربون النبيّ صلىاللهعليهوسلم ويقاتلونه أنا ننقصهم ، ونأخذ ما حولهم من قراهم وأرضهم؟ أفلا يرون أنّهم هم المنقوصون والمغلوبون؟
ومعنى قوله تعالى : (أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) (٤٤) ؛ أي هم الغالبون للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، بل هو الغالب لهم. وعن ابن عبّاس في معنى نقصها من أطرافها : (أي بذهاب فقهائها وخيار أهلها ، فكيف يأمن الرّذال؟).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٥٧١).