وروي : أن إبليس قال لها : اسجدي لي سجدة وأردّ عليك المال والأولاد وأعافي زوجك ، فأنا الذي صنعت بكم ما صنعت ، فرجعت إليه فأخبرته بذلك ، فقال لها : أتاك عدوّ الله ليفتنك عن دينك ، وحلف إن عافاه الله ليضربنّها مائة جلدة ، وحرّم طعامها وشرابها وطردها ، فلما نظر أيوب إلى أنه قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق خرّ ساجدا لله عزوجل ، وقال : إلهي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الراحمين ، من طمع إبليس في سجود امرأتي له ، ودعائه إياها وإيّاي إلى الكفر).
وإنّما قال (مسّني الضّرّ) حين قصدت الدّودة إلى قلبه ولسانه ، فخشي أن يفتر عن ذكر الله ، وقيل : إنّما قال ذلك حين أتاه صديقان فقاما من بعيد لا يقدرون على الدّنوّ منه من ريحه ، فقال أحدهما لصاحبه : لو علم الله في أيّوب خيرا ما ابتلاه بما ترى ، قال : فما سمع أيوب شيئا كان أشدّ عليه من هذه الكلمة ، فعند ذلك قال : مسّني الضّرّ من شماتة الأعداء ، يدلّ عليه ما روي أنه قيل له بعد ما عوفي ، ما كان أشدّ عليك في بلائك؟ قال : شماتة الأعداء ، وأنشدوا في معناه :
كلّ المصائب قد تمرّ على الفتى |
|
فتهون غير شماتة الحسّاد |
كلّ المصائب تنقضي أيّامها |
|
وشماتة الحسّاد بالمرصاد |
قال وهب : (فلما طرد أيوب امرأته ، وبقي وحيدا ليس معه من يطعمه ويسقيه ، قال عند ذلك : يا رب إنّي مسّني الضّرّ وأنت أرحم الرّاحمين ، فقال له الله : إرفع رأسك ؛ فقد استجبت لك ، اركض برجلك ، فركض برجله ، فنبعت عين فاغتسل منها ، فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلّا سقط عنه ، وأذهب الله عنه كلّ ألم وسقم ، وعاد إليه شبابه وجماله أحسن مما كان وأفضل ، ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى ، فشرب منه ، فلم يبق في جوفه داء إلّا خرج ، فقام صحيحا وكسي حلّة ، ثم التفت عن يمينه فرأى جميع ما كان له من أهل ومال وولد ، وقد صار معهم مثلهم ، قال الله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا).
قال وهب : (كان له سبع بنات وثلاثة بنين) ، وقال ابن يسار : (سبعة بنين وسبع بنات ، فردّهم الله بأعيانهم ، وأعطاه مثلهم معهم) وهذا قول ابن مسعود وقتادة