قوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) (١٠٩) ؛ أي ما أدري متى توعدون به من العذاب.
قوله تعالى : (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ) (١١٠) معناه : إن الله يعلم ما تعلنون به من القول ، ويعلم ما تكتمون من سرّكم ، لا يغيب من علمه شيء منكم. قوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ ؛) أي وما أدري لعلّ تأخير العذاب اختبار لكم ؛ ليرى كيف صنعكم ، (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (١١١) ؛ آجالكم ؛ أي تمتّعون إلى انقضاء آجالكم.
قوله تعالى : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ؛) أي قل لهم يا محمّد : رب احكم بعذاب أهل مكّة الذي هو حقّ نازل بهم ، والحقّ : ها هنا هو العذاب ، كأنه استعجل العذاب لقومه ، فعذّبوا يوم بدر. قال قتادة : (كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا شهد قتالا قال : [رب احكم بالحقّ]) (١) ، قال الكلبيّ : (فحكم عليهم بالقتل يوم بدر ، ويوم الأحزاب ، ويوم حنين ، ويوم الخندق). والمعنى : أفضل بيني وبين المشركين بما يظهر به من الحقّ للجميع.
وقرأ حفص : (قل رب احكم بالحقّ) على الخبر ؛ أي قال الرسول ذلك. وقرأ الضحّاك ويعقوب : (قيل رب احكم بالحقّ) بإثبات الياء على وجه الخبر ؛ أي هو أحكم الحاكمين ، وكيف يجوز أن يسأله أن يحكم بالحقّ ، وهو لا يحكم إلّا به.
قوله تعالى : (وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) (١١٢) ؛ أي على كذبكم وباطلكم وقولكم : ما هذا إلّا بشر مثلكم ، وقولكم : اتّخذ الرحمن ولدا. والوصف بمعنى المكذب كقوله تعالى (سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ)(٢) ، وقوله (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)(٣).
آخر تفسير سورة (الأنبياء) والحمد لله رب العالمين
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٨٨٢٦). وعبد الرزاق في التفسير : ج ٢ ص ٣٩٥. وفي الدر المنثور : ج ٥ ص ٦٨٩ ؛ قال السيوطي : (أخرجه عبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة).
(٢) الأنعام / ١٣٩.
(٣) الأنبياء / ١٨.