اركبها] فقال له : إنّها بدنة ، فقال : [ويحك! اركبها](١) ، وهذا عندنا محمول على أنّه عليهالسلام إنّما أباحه لضرورة علمه من الرجل فأذن له في ذلك إن لم يجد ظهرا غيرها ، يدلّ على ذلك أنه لا يجوز له أن يوجّهها للركوب.
قوله تعالى : (ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (٣٣) ؛ يعني أنّ نحرها إلى الحرم ، وعبّر عن الحرم بالبيت ؛ لأن حرمة الحرم متعلقة بالبيت ، كما قال تعالى : (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٢) ، ومن المعلوم أنّه لا يذبح عند البيت.
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً ؛) أي لكلّ أمّة مسلمة سبقت قبلكم جعلنا لها عيدا ، قوله تعالى : (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ ؛) عند الذبح. وقيل : معناه : ولكلّ أمّة جعلنا عبادة في الذبح. وقيل : معناه : جعلنا متعبّدا يعبدون الله فيه.
قرأ أهل الكوفة (منسكا) بكسر السّين ؛ أي مذبحا وهو موضع القربان ، وقرأ الباقون بفتح السّين على المصدر مثل المدخل والمخرج ؛ أي هراقة الدّم أو ذبح القربات ، فمن فتح السين أخذه من نسك ينسك مثل دخل يدخل ، ويستوي فيه المكان والمصدر ، ومن كسرها أخذه من نسك ينسك مثل جلس يجلس.
قوله تعالى : (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ؛) أي أخلصوا دينكم وأعمالكم لله تعالى ، (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) (٣٤) ؛ أي المتواضعين بالجنّة ، واشتقاق المخبتين من الخبت وهو المكان المطمئنّ ، وقال مجاهد : (يعني المخبتين : المطمئنّين إلى الله) ، وقال الأخفش : (الخاشعين) ، وقيل : الخائفين ، وقيل : هم الذين إذا ظلموا لا ينصرون.
قوله : (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ؛) أي إذا خوّفوا بالله خافوا. قوله تعالى : (وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ ؛) أي وبشّر الصّابرين على ما أصابهم
__________________
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٣ ص ٢٩١. والبخاري في الصحيح : كتاب الحج : الحديث (١٦٨٩). ومسلم في الصحيح : كتاب الحج : الحديث (٣٧٢ / ١٣٢٢).
(٢) المائدة / ٩٥.