الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي شيئين : طول الأمل واتّباع الهوى ، فأمّا طول الأمل فينسي الآخرة ، وأمّا اتّباع الهوى فيصدّ عن الحقّ](١).
قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤ ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) (٥) ؛ أي أجل ينتهون إليه لا يهلكهم الله حتى ينتهون إليه ، لا يهلك أمّة قبل أجلها الذي كتب لها ، ولا تؤخّر عن أجلها طرفة عين ، فلا يفتر هؤلاء الكفار بتأخير وقت إهلاكهم ، فإنه إذا جاء الوقت الذي كتب الله هلاكهم فيه ، لم يتأخّروا عنه كما لا يتقدمون عليه.
وفي هذا بيان أنه لا يموت أحد ولا يقتل إلّا لأجله الذي جعله الله له ، ولا يعترض على هذا بقول من قال : يجب أن لا يكون القاتل ظالما للمقتول ؛ لأنه لو لم يقتله كان يموت في ذلك الوقت! قلنا : كان يموت من غير ألم القتل ، فكان القاتل بإيصال ذلك الألم إليه ظالما له.
قوله تعالى : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) (٦) ؛ أي قال الكفار من أهل مكّة وهم : عبد الله بن أمية المخزومي وأصحابه ؛ قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : يا أيّها الذي نزل عليه الذّكر في دعواه وفي زعمه إنّك لمجنون في دعواك أنه نزل عليك هذا. فإنّهم كانوا لا يقرّون بأن القرآن أنزل عليه ، وقوله تعالى : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ ؛) أي هلّا تأتينا بالملائكة من السّماء يشهدون أنّك رسول الله ، (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (٧) ؛ فيما تدّعي.
قوله تعالى : (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ ؛) جواب من الله لهم يقول : ما تتنزّل الملائكة من السّماء إلا بالرّسالة والعقاب والموت ، كلّ ذلك حقّ. قوله تعالى : (وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ) (٨) ؛ أي وما كانوا إذا مؤجّلين إذا نزلت عليهم الملائكة ، بل يستأصلون بالعذاب حينئذ ، إلا من يكون له المعلوم من حاله أنه يؤمن.
__________________
(١) في كنز العمال : الحديث (٤٣٧٦٤) عزاه المتقي الهندي إلى ابن النجار عن جابر ، وابن عساكر عن علي موقوفا ، وقال : فيه يحيى بن مسلمة حدّث بالمناكير. والحديث (٤٣٧٦٥) عزاه إلى الحاكم في تاريخه والديلمي عن جابر.