المدينة لعلّة كانت به (١). قوله تعالى : (فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ ؛) قيل : إنّ هذا منسوخ بقوله تعالى (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)(٢) ، قوله تعالى : (وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ ؛) أي استغفر لهؤلاء المستأذنين إذا استأذنوك لعذرهم ، (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ ؛) للنّاس ، (رَحِيمٌ) (٦٢) ؛ بهم.
قوله تعالى : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ؛) أي ادعوه بالخضوع والتعظيم ، وقولوا : يا رسول الله ؛ ويا نبيّ الله ، في لين وتواضع وخفض صوت ، ولا تقولوا : يا محمّد! ولا يا أبا القاسم! كما يدعو بعضهم بعضا باسمه.
قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً ؛) أراد به المنافقين ، كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا خطب النّاس يوم الجمعة عابهم في خطبته ، فإذا سمعوا ذلك نظروا يمينا وشمالا ، فإن أبصرهم أحد لم يقوموا ، وإن لم يبصرهم أحد قاموا فخرجوا من المسجد يتسلّلون (٣). والتّسلّل الخروج في خفية.
واللّواد : أن يستر بعضه بعضا ثم يمضي ، يقال : لاودت بفلان ملاوذة ولواذا. قال ابن عبّاس : (هو أن يلوذ بغيره فيهرب من المسجد من غير استئذان).
قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ؛) أي ليحذر الذين يعرضون عن أمر الله ويخالفون في أمره ، (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ؛) أي بليّة ، (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٦٣) في الآخرة.
قوله تعالى : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) أي له كلّ ذلك ملكا وقدرة وإحاطة ، (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ ؛) أي يعلم ما يبديه كلّ منكم وما يخفيه ، وقوله تعالى : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ؛) معناه : يعني يعلم يوم يبعثون متى هو ، (فَيُنَبِّئُهُمْ ؛) فيه ؛ (بِما عَمِلُوا ؛) أي يجزيهم بما عملوا في دار الدّنيا ، (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٦٤) ؛ من أعمال العباد وغير ذلك.
__________________
(١) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٢٧.
(٢) التوبة / ٤٣.
(٣) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٢٨. ونقله ابن عادل في اللباب : ج ١٤ ص ٤٦٣ عن الكلبي.