قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ ؛) أي وأوحينا إليه ذلك الأمر. قوله تعالى : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ ؛) في موضع نصب بدل من قوله (ذلِكَ الْأَمْرَ) ، وقيل : في موضع خفض ؛ لأن المعنى بأنّ دابر هؤلاء مقطوع ، وقطع الدّابر هو الإتيان على آخرهم بالهلاك حتى لا يبقى منهم أحد. وقوله تعالى : (مُصْبِحِينَ) (٦٦) ؛ أي مستأصلون عند الصّباح ، ولا يبقى لهم نسل ولا عقب.
قوله تعالى : (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) (٦٧) ؛ أي أهل مدينة قوم لوط وهي سدوم ، يبشّر بعضهم بعضا بأضياف لوط لعملهم الخبيث ، فإنّهم كانوا يجاهرون بهذه الفاحشة ، وقال لهم لوط : (قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (٦٨ وَاتَّقُوا اللهَ ؛) في الحرام ، (وَلا تُخْزُونِ) (٦٩) ؛ ولا تذلّون في أمري ، (قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) (٧٠) ؛ أي عن ضيافة الغرباء.
قوله تعالى : (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي ؛) أزوّجكموهنّ ، (إِنْ كُنْتُمْ ؛) لا بدّ ، (فاعِلِينَ) (٧١) ؛ مثل هذا الفعل ، وذلك أنه لم يجد ما يتّقي به أضيافه أبلغ من عرض بناته عليهم للتزويج ، وافتداء ضيفه ببناته في الشّفاعة ، وقد كان علم أنّهم لا يرغبون في التزويج. وقيل : أراد بقوله (بَناتِي) بنات قومي ؛ لأن نساء أمّة كلّ نبيّ بمنزلة بناته في نفقته عليهنّ.
قوله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧٢) ؛ هذا قسم بحياة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ولم يقسم بحياة أحد غيره ، تقديره : لعمرك قسمي ، إلّا أنه حذف الخبر ، وجوابه : إنّهم لفي غفلتهم يتحيّرون.
قوله تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) (٧٣) ؛ أي وقت الإشراق ، وذلك أنّ الملائكة قلعوا مدائنهم وقت الصّبح ، فرفعوها إلى قريب من السّماء ، ثم قلبوها عند طلوع الشمس ، وصاح بهم جبريل حينئذ ، (فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) (٧٤) ، وقد تقدّم تفسير باقي الآية في سورة هود.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (٧٥) ؛ أي في إهلاك قوم لوط لآيات للمتفرّسين ، والمتوسّمون هم النّظّار المثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة السّمة. قوله تعالى : (وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ) (٧٦) ؛ أي إنّ قريات قوم لوط