وقوله تعالى : (ذِكْرى ؛) أي موعظة وتذكيرا ، (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) (٢٠٩) ؛ فنعذّب من غير ذنب ونعاقب من غير تذكير وإنذار. ويجوز أن يكون (ذِكْرى) في موضع نصب على معنى : إلّا لها مذكّرون ذكرى ، ويجوز أن يكون في موضع نصب رفع على معنى : ذلك ذكرى ؛ أي ذلك موعظة لهم.
قوله تعالى : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (٢١٠) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ) (٢١١) ؛ قال مقاتل : (قالت قريش : إنّما يجيء بالقرآن الشّياطين ، فتلقيه على لسان محمّد ، فأنزل الله تعالى (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) أي بالقرآن (١)(وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) أن ينزلوا به (وَما يَسْتَطِيعُونَ) أي لا يقدرون على ذلك ، (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) (٢١٢) ؛ أي أنّهم عن استماع القرآن لمحجوبون ؛ لأنّهم يرجمون بالنّجوم.
قوله تعالى : (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ؛) الخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد به غيره ، والمعنى : كلّ من دعا مع الله إلها آخر كان مع المعذبين. قوله تعالى : (فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (٢١٣) ؛ أي رهطك الأدنين وهم بنو هاشم وبنو المطّلب خاصّة.
فلما نزلت هذه الآية نادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم [يا آل غالب ؛ يا آل لؤيّ بن كعب ؛ يا آل مرّة ؛ يا آل كلاب ؛ يا آل قصيّ ؛ يا آل عبد مناف] فأتوه وقالوا : ما تريد؟! قال : [أرأيتم لو حدّثتكم أنّ جيشا ظلّكم ؛ أكنتم تصدّقونني؟] قالوا : نعم ، قال : [فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، وإنّي لا أملك لكم من الله شيئا إلّا أن تقولوا : لا إله إلّا الله].
ثمّ قال : [يا معشر قريش ؛ اشتروا أنفسكم من الله ؛ فإنّي لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد مناف ؛ لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عبّاس بن عبد المطّلب ؛ لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفيّة عمّة محمّد ؛ لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٤٦٥.