وقالت عائشة : (الشّعر كلام ، فمنه حسن ومنه قبيح ، فخذوا الحسن ودعوا القبيح) (١). وعن الشعبيّ قال : (كان أبو بكر رضي الله عنه يقول الشّعر ، وكان عمر يقول الشّعر ، وكان عليّ أشعر الثّلاثة) (٢).
قوله تعالى : (وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً) لم يشغلهم الشّعر عن ذكر الله ، ولم يجعلوا الشّعر همّهم ، وانتصروا من بعد ما ظلموا أي انتصروا من المشركين لأنهم بدأوا بالهجاء.
ثم أوعد شعراء المشركين فقال : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧) ؛ أي سيعلم الّذين أشركوا وهجوا النّبيّ صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين أيّ منقلب ينقلبون ، قال ابن عبّاس : (إلى جهنّم يخلدون فيها). والمعنى : سيعلمون إلى أين مصيرهم وهو نار جهنّم ، فعلى هذا يكون قوله (أَيَّ مُنْقَلَبٍ) منصوبا بدلا من المصدر ، ولا يجوز أن يكون منصوبا بقوله (سَيَعْلَمُ) لأن (أَيَّ) لا يعمل فيه ما قبله ؛ لأنه من حروف الاستفهام ، وموضع حروف الاستفهام صدر الكلام ، فكان انتصاب قوله (أَيَّ مُنْقَلَبٍ) على معنى المصدر ، أو بقوله (يَنْقَلِبُونَ).
وعن أبيّ بن كعب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [من قرأ سورة الشّعراء ، كان له من الأجر عشر حسنات ، بعدد من صدّق بنوح وكذب به ، وهود وشعيب وصالح وإبراهيم ولوط واسحق ويعقوب وموسى وعيسى ، وبعدد من صدّق بمحمّد صلىاللهعليهوسلم](٣).
آخر تفسير سورة (الشعراء) والحمد لله رب العالمين
آخر المجلد الرابع
من التفسير الكبير للإمام الطبراني
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٥١.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ٩٥١.
(٣) أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان : ج ٧ ص ١٥٥ ، عن أبي بن كعب بإسناد ضعيف. وذكره الزمخشري في الكشاف : ج ٣ ص ٣٣٤.