وهذه الآية مما يستدلّ بها على كراهية لحم الخيل على مذهب أبي حنيفة ؛ لأنّ الله تعالى قال في الأنعام (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ولم يذكر في آية الخيل والبغال إلا الركوب والزينة.
قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ ؛) أي وعلى الله بيان الهدى والضّلالة ليتّبع الهدى وتجتنب الضّلالة ، كما قال تعالى : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً)(١) ، وقال تعالى : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)(٢). قوله تعالى : (وَمِنْها جائِرٌ) أي من الطّرق ما هو عادل عن الحقّ ، قال : يعني اليهوديّة والنصرانية والمجوسية ، وقال ابن المبارك : (يعني الأهواء والبدع). قوله : (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩) ؛ إلى جنّته وثوابه ، ولأرشدكم كلّكم.
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ ؛) مثل البرك والغدران ، ولكم ، (وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ) (١٠) ؛ ترعون أنعامكم ، يعني الكلأ والأشجار التي ترعاه الإبل.
قوله تعالى : (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١١) ؛ ظاهر المعنى.
وقوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١٢) ؛ تسخير الليل والنّهار ، مجيء كلّ واحد منهما عقب الآخر بتقدير الله ؛ لينصرف الناس في معايشهم بالنّهار ، ويسكنوا بالليل ، وتسخير الشمس والقمر والنّجوم مجيئه بها في أوقات معلومة.
قوله تعالى : (وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ) ؛ أي وسخّر لكم ما خلق في الأرض من الدواب والأشجار وغيرها ، (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) ، ومناظره وصوره ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٣) ؛ دلائل الله.
__________________
(١) الانسان / ٣.
(٢) الشمس / ٨.